للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنْ عجز لكِبَرٍ، أو مرضٍ لا يُرجى برؤُه ونحوِه، لزمه أنْ يقيمَ مَنْ يحجُّ ويعتمرُ عنه مِنْ بلدهِ وقربهِ، ويجزئُ ولو عوفيَ بعدَ إحرامِ نائبهِ.

وشُرِطَ لوجوبهِ على أنثى مَحْرَمٌ مِن زوجٍ، أو أبٍ، أو خالٍ ولو مِنْ رضاعٍ ونحوِه،

فإنْ كانَ الصَّغيرُ أو القِنُّ سعى بعدَ طوافِ القُدومِ قبلَ الوقوفِ، لم يُجزئْه الحجُّ ولو أعادَ السَّعْيَ؛ لأنَّه لا تُشرَعُ مجاوزةُ عددِه ولا تكرارُه، بخلافِ الوقوفِ، فإنَّه لا قَذرَ له محدودٌ، وتُشرَعُ استدامتُه. وكذا إنْ بلغَ أو عتَقَ في أثناءِ طوافِ العُمرةِ، لم تُجزئْه ولو أعادَه.

(ومَنْ عجزَ) عن السَّعْيِ إلى الحجِّ مع توفُّرِ الشُّروطِ المتقدِّمةِ (لِكِبَرٍ أو مرضٍ لا يُرجَى بُرؤهُ ونحوِه) كثِقلٍ لا يَقدرُ معه على ركوبٍ إلا بمشقَّةٍ شديدةٍ، أو كان نِضوَ الخِلقةِ (١) لا يَقدرُ ثُبوتًا على راحلةٍ، إلا بمشقَّةٍ غيرِ محتملَةٍ (لزمَهُ أنْ يقيمَ مَنْ يحجُّ وَيعتمرُ عنه) فورًا (مِنْ بلدِه) الذي وَجبا عليه فيه (وقُرِبه) أي: أو مِنْ مكانٍ قريبٍ مِنْ بلدِهِ، بأنْ يكونَ بينَهُ وبينه دونَ المسافةِ؛ لقول ابنِ عبَّاس: إنَّ امرأةً مِنْ خَثْعَم، قالت: يا رسولَ الله، إنَّ أبي أدرَكَتْهُ فريضةُ اللهِ تعالى في الحجِّ شيخًا كبيرًا لا يَستطيعُ أنْ يستوِيَ على الراحلةِ، أَفأحُجُّ عَنْه؛ قال: "حُجِّي عنه" متفق عليه (٢).

(ويُجزئُ) الحجِّ أو العُمرةُ عن المَنُوب عنه إذنْ (ولو عُوفيَ بعدَ إحرامِ نائبهِ) قبلَ فراغِهِ منَ النُّسُكِ أو بعدَه؛ لأنَّه أتى بما أمرَ به، فخرجَ مِنَ العُهدةِ، ويَسقطانِ عَمَّن لمْ يجدْ نائبًا.

(وشُرطَ لوجوبِه) أي: الحجِّ، وكذا العُمرةِ (على أُنثى) وجودُ (مَحْرم) لها مسلمٍ مُكلِّفِ ولو عَبْدًا (مِنْ زوجٍ، أو أبٍ، أو خالٍ) لها، ونحوِه، ممَّنْ تحرُمُ عليه أبدًا؛ بنَسَبٍ أو سَبَبٍ مُباحٍ (ولو) كانَ المحرَمُ (مِنْ رضاعٍ ونحوِهِ) كمصاهرةٍ، بخلافِ مَنْ تحرُمُ عليه بسببٍ مُحرَّمٍ، كأمِّ المزنيِّ بها وبنتِها، وكذا أمِّ الموطوءَةِ بشُبهةٍ وبنتِها.


(١) جاء في هامش (س) ما نصه: "قوله: نضو الخلقة، أي: مهزولها … انتهى تقرير المؤلف".
(٢) البخارى (١٥١٣)، ومسلم (١٣٣٤)، وهو عند أحمد (١٨١٨).