للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المبالغةَ في الحامديَّة، وهو أحمد، واشتهر الأوَّل مِن بينِ الاسمينِ اشتهارًا أكثرَ، ولذا اختارَهُ المصنِّف من بين أسمائِه، وخصَّ به كلمة التوحيدِ؛ لأنَّه أنسبُ بما لَه مِن مناقبِ المحموديَّة، وذكَر ابنُ الحاج (١) في "المدخل" (٢) عن الحسنِ البصريِّ: إنَّ اللهَ تعالى ليُوقِف العبدَ بين يدَيْه، اسمُه أحمدُ أو محمَّد، فيقول: يا عبدي أمَا تَسْتحي وأنتَ تَعصيني، واسمُك اسمُ حبيبي؟ فيُنكِّسُ العبدُ رأسَه حياءً، ويقول: اللهمَّ إنِّي قد فعلتُ. فيقول اللهُ ﷿: يا جبريلُ، خُذْ بيدِ عبدي وأَدخله الجنةَ، فإنِّي أَستحي أَنْ أُعذِّب بالنارِ مَن اسمُه اسمُ حبيبي (٣).

وأمَّا حروفُ اسمِه ومعانيها، فقال قومٌ: إنَّ معنى الميمِ: مَحْقُ الكفرِ بالإسلام، أو مَحْيُ سيئاتِ مَن اتَّبعه. وقيل: الميمُ: مَنُّ اللهِ على المؤمنين بمحمَّد ، دلَّ عليه قولُه تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٦٤] وقيل: الميمُ: مُنذِر ومبشِّر. وقبل الميم: مَلِكُ أمَّته. وقيل: المقامُ المحمودُ.

أما الحاءُ، فقيل: حُكمه بين الخَلْق بحكم اللهِ تعالى، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥] وقيل: حياةُ أمَّته به.

وأما الميمُ الثانيةُ: فمغفرةُ اللهِ لأمَّته. وقيل: مُنادي الموحِّدين. وقيل: مَلِكُ أمَّته. وأما الدالُ: فهي الدَّاعي إلى اللهِ تعالى ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾


(١) هو: أبو عبد الله، محمد بن محمد العبدري، الفاسي الشهير بابن الحاج، عالم شارك في بعض العلوم، ولد بفاس وقَدِم مصر، وكُفَّ بصره في آخر عمره، ومن مصنفاته: "شموس الأنوار وكنوز الأسرار في علوم الحروف وماهيته"، و"مدخل الشرع الشريف على المذاهب الأربعة"، و "الأزهار الطيبة النشر". (ت ٧٣٧ هـ). "الديباج المذهب" ٢/ ٣٢١، "الدرر الكامنة" ٤/ ٢٣٧.
(٢) وهو: "مدخل الشرع الشريف على المذاهب الأربعة" قال ابن حجر: هو كثير الفوائد، كشف فيه عن معايب وبدع يفعلها الناس ويتساهلون فيها، وأكثرها مما ينكر، وبعضها ممّا يحتمل. "كشف الظنون" ٢/ ١٦٤٣.
(٣) هذا كلام باطل؛ لقول النبي : "ومن بطَّأَ به عمله، لم يُسرع به نسبُه"، ولقوله:"إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" رواهما مسلم (٢٦٩٩) و (٢٥٦٤) (٣٤).