للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَلَمٌ منقولٌ من اسمِ مفعولِ المضعَّف، سُمِّي به نبيُّنا بإلهامٍ من الله تعالى؛ تفاؤُلًا بأنَّه يكثر حمدُ الخَلْقِ له؛

جِيْءَ به للمدحِ، كما يَجِيْءُ النعتُ، فذلك لا يُفسِدُه؛ لتصريحِهم بأنَّ العَلَم يُنعَت ولا يُنعتُ به، وتقديمُ "سيِّدِنا" على "محمد" أبلغُ؛ للدلالةِ على علميَّتِهِ في السيادةِ.

(عَلَم منقولٌ) وقيل: مُرتَجل، ومشى عليه ابنُ معطي (١)، وعن الزجَّاجِ (٢): الأعلامُ كلُّها مُرتجَلة؛ لأنَّ النَّقْلَ خلافُ الأصلِ، فلا يَثبُت إلَّا بدليلٍ، وهو التصريحُ بقَصْد النَّقْل مِن الوَضْع.

(مِن اسمِ مفعولِ المضعَّف) أي: حمَّد بالتشديد، فهو المرادُ بالفعلِ المضاعفِ في عبارة غيرِه، أي: الفعلِ المكرَّر العينِ لا المصطلحِ عليه.

(سُمِّي به نبيُّنا بإلهامٍ من اللهِ تعالى) أي: سمَّاه به جدُّه عبد المطلبِ في سابعِ وِلادتِه لموتِ أبيهِ قبلها، فقيل له: لِمَ سمَّيت ابنَك محمدًا، وليس مِن أسماءِ قومِك؟ قال: رجوتُ أن يُحمَد في السماءِ والأرضِ (٣). وقد حقَّق اللهُ رجاءَه -كما سبق في علمه- لا سيما إنْ صحَّ ما نُقل عن جدِّه أنَّه رأى سِلسلةً بيضاءَ خرجتْ منه أَضاء لها العالَم، فأُوِّلت بوَلَدٍ يَخرجُ منه يكون كذلك (٤). وليكونَ على وَفْق تسميتِه تعالى له قَبْل الخَلْق بألفي عامٍ، على ما ورد عن


(١) هو: زين الدين، أبو الحسين، يحيى بن معطي بن عبد النور الزواوي المغربي الحنفي النحوي، فقيه مقرئ أديب، نحوي، لغوي، عروضيٌّ، من مصنفانه: "الدرة الألفية في علم العربية"، و"البديع في صناعة الشعر"، و "شرح الجمل في النحو". (ت ٦٢٨ هـ). "بغية الوعاة" ٢/ ٣٤٤، "سير أعلام النبلاء" ٢٢/ ٣٢٤.
(٢) في الأصل: "ابن الزجاج". وهو خطأ، والزجَّاج ستأتي ترجمته ص ٩٧، وأورد ابن هشام قول الزجاج هذا في "أوضح المسالك" ١/ ١٢٧.
(٣) "السيرة النبوبة" لابن هشام ١/ ١٥٨، و "البداية والنهاية" ٣/ ٣٨٤، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني ١/ ٦.
(٤) "الروض الاُنف" للسهيلي ١/ ١٨٢ بنحوه.