للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والعالَمُ (١) يعمُّ كلَّ موجودٍ سوى اللهِ تعالى،

ومن الإعرابِ بحرفين، فلا يُجمع بهذا الجَمْع ما كان مِن الأسماءِ غيرَ عَلَم كـ: رجلٍ، أو علمًا لمؤنَّث كـ: زينبَ، أو لغيرِ عاقلٍ كـ: لاحقٍ -عَلَم لفرس- أو فيه تاءُ التأنيثِ كـ: طلحةَ، أو التركيبُ المزجيُّ كـ: مَعْدي كَرِب، وأجازَه بعضُهم، أو الإسناديُّ كَـ: بَرِقَ نحرُه، بالاتفاق، أو الإعراب بحرفين كـ: الزيدَين أو الزيدِيْن عَلَمًا، انظر الأشموني (٢).

قوله (والعالَم يعمُّ كلَّ موجودٍ … إلخ) أي: والعالمَ في اللغة: كلُّ نوعٍ أو جنسٍ فيه علامةٌ يَمتاز بها عن سائر الأنواعِ والأجناسِ الحادثةِ، فيُقال في الأنواعِ: عالَمُ الإنسانِ، وعالَمُ الطيرِ، وعالَمُ الخيل، ويُقال في الأجناسِ: عالَمُ الحيوانِ، وعالَمُ الأجسامِ، وعالَمُ النباتِ، ويَحتمل أن تكون المناسبةُ في تسمية الجنسِ بالعالَم (٣)؛ أنَّ لهما من الفُصول والخواصِّ ما يُعلَمان به، ونقلَهُ المتكلِّمون إلى كلِّ حادثٍ، والمناسبةُ في هذه التسميةِ أنَّ كلَّ حادثٍ فيه عَلَامة تميِّزه عن المُوجِد المولى القديم حتى لا يَلتبسَ بهِ أصلًا، ولهذا رَدَّ مولانا على الضالِّينَ الذين جَعلوا له شركاءَ مِن الحوادثِ فقال تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ [الرعد: ٣٣] أي: اذكُروا أوصافَهم حتى يُنظَرَ أفيها ما يَصلُح للأُلوهيَّة أوْ لا؟ ويَحتملُ أن تكونَ المناسبةُ أنَّ كُلَّ حادثٍ يَحصل العِلْم للناظرِ فيه بما يجب للمولى العظيم مِن عليِّ الصفاتِ، وتنزهُه عن سماتِ المحدَثات، ولهذا قال جلَّ مِن قائل: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ١٩٠]، وقال جلَّ وعلا: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٨٥]، والآي في ذلك كثيرةٌ، فالمناسبةُ الأُولى في وضع اللغةِ والاصطلاحِ أنَّه مأخوذٌ مِن العلَامة، والمناسبةُ الثانيةُ تقتضي أنَّه مأخوذٌ مِن العلم، وذكرُ هذا الوصف وهو ربُّ العالمين بعدَ


(١) فى (س): "إذ العالم".
(٢) بهامش "حاشية الصبان" ١/ ٨٦.
(٣) "حاشية الجرجاني على الكشاف للزمخشري" ١/ ٥٤ بنحوه.