للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومملوكٌ ومستحَقٌّ لله تعالى، وهذا هو الحمدُ لغةً.

"ثابتٌ" ليس بشيءٍ؛ لأنَّ ثبوتَه لا يَقتضي قيامَه به، فثبوت الدار لا يَقتضي قيامَها بذاتِه، وإنما يَقتضي اختصاصَه بها وعدمَ المشارِك له فيها، إلى غيرِ ذلك مِن الأمثلةِ. وقال الكافِيجيّ (١): المرادُ منه تعلُّق الحمدِ به، ولا يَلزمُ مِن التعلُّق القيامُ به، كتعلق العِلْم بالمعلوماتِ. قال الدَّوَانيُّ في "أنموذجه": ولا يلزم كونه تعالى محلَّ الحوادثِ؛ لأنَّ تلك الاختياراتِ أمورٌ اعتباريَّة إضافيَّة، ولا محذورَ في اتِّصافه تعالى بالإضافيَّات الغيرِ الأَزليَّة، فإنَّ له تعالى بالاضافةِ إلى كلِّ حادثٍ نسبةً.

قال العلَّامة ابنُ قاسمٍ: نستفيدُ مِن هذا الكلامِ أنَّه لا يَلزم مِن الاتِّصافِ بالصفاتِ الإضافيَّة الاعتباريَّة الحادثةِ قيامُ الحوادثِ بالذاتِ، وكونها محلًّا للحوادثِ. محمد الخلوتي، ومن خطه نقلت.

(ومملوك ومستحقٌّ) أشار بذلك الى الخلاف الواقعِ في "أل" في "لله" هل هي للتعليلِ أو للمِلك أو للاستحقاقِ؟ والمعنى على الأوَّل: جميعُ المحامدِ ثابتةٌ لأجل اللهِ تعالى، وعلى الثاني: جميعُ المحامدِ مملوكةٌ لله، أو مستحقَّةٌ له، كما يُرشِد لذلك ما سيأتي من قولِه: "واللام في لله".

لا يُقال: لا معنى لكونِ حَمْدِ العبادِ للهِ تعالى، لحدوثه، واللهُ تعالى قديمٌ، ولا يجوز قيامُ الحادثِ بالقديمِ؟ لأنَّا نقولُ: المرادُ منه تعلُّق الحمدِ، ولا يلزم مِن التعلُّق القيامُ، كتعلق العِلْم بالمعلومِ.


(١) هو: محيي الدين أبو عبد الله، محمد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومي الحنفي الكافيجي، من كبار العلماء بالمعقولات، انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر، له تصانيف كثيرة منها: "مختصر في علم التاريخ"، و "نزهة المعرب"، و "التيسير في قواعد التفسير". (ت ٨٧٩ هـ)."الضوء اللامع" ٧/ ٢٥٩، "شذرات الذهب" ٩/ ٤٨٨.