للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أفعالهِ، وهو السَّميعُ البصيرُ. فاحفظ هذه القاعدةَ فإنَّها مهمةٌ جدًّا، بل هي التي أغنَت السلفَ الصالحَ عن تأويلِ آياتِ الصفاتِ وأحادِيثها، وهي العاصمةُ لهم من أن يفْهَمُوا من الكتابِ والسنةِ مُستحيلًا على اللهِ تعالى من تجسيمٍ أو غيره. ثم بعد إثباتي لهذه القاعدةِ، رأيتُها منصوصةً في كلامِ السيدِ معينِ الدينِ الصَّفَوي (١)، ثم رأيتُه قد سبَقَه إليها العلَّامة ابنُ القيِّم (٢) .

في الوجودِ والحياةِ، والعِلْم والإرادة، وغيرِها، كذا تلخَّص من مذاكرةِ الشارحِ (٣) لقراءتِه البسملةَ.

لا حاجةَ لدعوى المجازِ، الذي هو إطلاقُ اسمِ السببِ أو الملزومِ -وهو الميلُ النَّفساني- على المسيِّبِ أو اللازمِ- وهو فِعْلُ الإنعامِ- فهي صفةُ فِعْلٍ، ويجوز أنْ يكونَ مجازًا عن إرادةِ الإنعامِ، مِن إطلاقِ اسمِ المسيَّب أو الملزومِ -وهو إرادةُ الإنعامِ- على سببِه أو لازمِه، فيكون صفةَ ذاتٍ، ويجوز أنْ يكون من بابِ الاستعارةِ التمثيليَّة، بأن يُشبِّه حالَه تعالى بحالَةِ مَلِكٍ عطَف على رعيَّتِه ورَقَّ لهم، فعمَّهُم معروفُه، فأُطلِق عليه، وأُريد غايتُها التي هي فِعْلٌ أو إرادةُ فِعلٍ، كما مرَّ، لا مبدؤُهما الذي هو انفعالٌ، وصحَّ كونُ ذلك استعارةً تمثيليَّة، لكن وجه الشَّبَه منتَزَعٌ مِن متعدِّد، ولا تختصُّ التمثيليَّةُ بالمجازِ المركَّب، والأَوْلى ترْكُ هذه الاستعارةِ؛ لأنَّها قلَّة أدبٍ مع اللهِ؛ لأنَّ فيها تشبيهَ الكاملِ -وهو إعطاءُ اللهِ- بالناقصِ -وهو إعطاءُ العبد- وقد قال اللهُ تعالى: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ [النحل: ٧٤]، أي: لا تُشبِّهوا اللهَ بخَلْقه، وفيها إثباتُ نِعَمٍ لغيرهِ مجعولةٍ أصلًا، مقابِلةً لنعمةٍ مجعولةٍ


(١) هو: محمد بن عبد الرحمن بن محمد، الإيجي الشافعي، له "جوامع التبيان" في التفسير، وشرح "الأربعين النووية". (ت ٩٠٥ هـ). "الضوء اللامع" للسخاوي ٨/ ٣٧، "الأعلام" للزركلي ٦/ ١٩٥.
(٢) "مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم" اختصرها محمد بن الموصلي، والكلام المذكور أعلاه فيه ٢/ ٣٤٤.
(٣) يعني: عثمان النجدي في "هداية الراغب" المذكورة أعلاه.