للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الواجبِ الوجود لذاتهِ، المستحِقِّ لجميعِ الكمالاتِ. وهو

أجيب: بأنَّه يكفي إدراكُها بتعقُّل صفاتِها، هذا إن قلنا: إنَّ الواضعَ غيرُ اللهِ تعالى، أمَّا إن قُلنا: إنَّ الواضعَ هو اللهُ تعالى -وهو الراجحُ- فلا إشكالَ.

(الواجب الوجود) أي: وجودُه واجبٌ، أي: واجبٌ عقلًا، أي: إنَّ العقلَ لا يُصوِّر عدَمَه، بل لا يُمكن إلا أنْ يُصوِّر وجودَه وجودًا لا أوَّلَ له ولا انقطاعَ، أي: يَحكم بأنَّه موجودٌ أزَلًا وأَبَدًا، ويَحكُم أنَّ وجودَه لا يفتقرُ إلى غيرِه، فلا يحتاجُ في وجودِه ولا إيجادِة إلى غيرِه. وقال بعضُهم: معنى واجبِ الوجودِ: هو الذي يكون وجودُه مِن ذاتِه، لكنْ ليس المرادُ أنَّه كان معدومًا وأوْجَدَتْه ذاتُه، بل المرادُ أنَّه موجودٌ بوجودٍ هو يَعْلمُ به، ليس مسبوقًا بالعَدمِ، وليس وجودُه ناشئًا عن شيءٍ، راجِع ما ذكره النُّور الشَّبْرامَلِّسِي (١) في "حواشي الرَّمْلِي" عَبَّر فقال: واجبُ الوجودِ وهو الذي وجودُه مِن ذاتِه، لكن بالتأويلِ المتقدِّم. وبعضُهم عبَّر فقال: واجبُ الوجودِ هو الذي وجودُه ليس مِن غيره. تأمَّل شيخنا سجيني (٢).

(لذاتِه) متعلِّق بـ "الواجِب" إشارةً إلى أنَّ وجوبَ وجودِه بالذاتِ لا بالغيرِ، فخرجَ واجبُ العَدَم لذاتِه، كشريكِ الباري وغيرِهما، ومُمْكِنُ الوجودِ والعَدَمِ، كالخلائقِ.

(وهو) أي: لفظُ "اللهِ" أعظمُ أسمائِه تعالى؛ لأنَّه مركزُها الذي عليه دورانُها، ومن ثَمَّ


(١) هو: نور الدين، أبو الضياء، علي بن علي، الشَّبْرَامَلِّسِي، القاهري، فقيه، أصولي، مؤرخ، من تصانيفه: "حاشية على نهاية المحتاج" في فروع الفقه الشافعي، و"حاشية على شرح ابن قاسم للورقات". (ت ١٠٨٧ هـ). "خلاصة الأثر" ٣/ ١٧٤، و "معجم المؤلفين" ٢/ ٤٧٨. وكلامه في "حاشيته على نهاية المحتاج" ١/ ١٧.
(٢) لعله: الشهاب، أحمد بن عبيد الله بن محمد، السجيني، الشافعي، الفرضي، اشتغل في الفقه على الشرف السبكي والجلال المحلي، عرت بالبراعة في الفرائض والحساب والتقدم في العمليات والمساحة، له: "شرح المجموع للكلائي"، و "شرح الرحبية" في الفرائض. (ت ٨٨٥ هـ). "الضوء اللامع" ١/ ٣٧٦، و "معجم المؤلفين" ١/ ١٩١.