للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بإثمدٍ مطيَّبٍ بمسكٍ (وِتْرًا) في كلِّ عينٍ ثلاثًا قبلَ النَّومِ؛ لما روَى ابنُ عباس عنِ النبيِّ : "أنَّه كان يكتحلُ بالإِثْمِدِ كلَّ ليلةٍ قبلَ أنْ ينامَ، وكان يكتحل في كلِّ عينٍ ثلاثةَ أميالٍ" رواه أحمد (١).

(بإثمدٍ مطيَّبٍ بمسكٍ وتْرًا، في كلِّ عينٍ ثلاثًا) وثلاثة بتأنيثِ العدد؛ لأنَّ المعدودَ مذكَّرٌ، لكن لما كان المعدودُ محذوفًا، جازَ تذكيرُ العددِ، وإن كانَ المعدودُ مذكَّرًا؛ لقوله : "من صام رمضانَ، وأتبعَه ستًّا من شوَّال … " إلى آخر الحديث (٢). أي: ثلاثةَ أميال، وقيل: المسنونُ أنْ يكتحلَ ثلاثًا في اليمين، واثنينِ في اليسار؛ ليحصِّل الوِتْرَ في العينين. ويردُّه الحديثُ المذكور في الشرح؛ لأنَّ لكلِّ عينٍ حُكمًا بنفسِها.

وسنَّ له نَظَرٌ في مرآةٍ، وأنْ يقول عنده: اللهمَّ كما حسَّنتَ خَلْقي، فحسِّن خُلُقي (٣)، وحَرِّم وجهي على النار.

وقال حنبل: رأيتُ أبا عبدِ الله، وكانت له صِيْنِيَّةٌ فيها مرآةٌ، ومُكْحُلَةٌ، ومُشْطٌ، فإذا فَرغَ من قراءة حِزْبِه، نَظَرَ في المرآة، واكتحلَ، وامتشطَ.

والحكمةُ في ذلك أن يُزيلَ ما عسى أنْ يكونَ بوجهه من أذى، ويتذكَّر نعمةَ الله عليه الذي خَلَقه فأحسنَ خَلْقَه وخُلُقَه.

وسُنَّ له تَطيُّبٌ بالطِّيب، وهو ما لَه رائحةٌ طيِّبةٌ؛ لحديث: "أربعٌ من سُننِ المرسلين، الحياءُ، والتعطُّرُ، والسِّواكُ، والنكاح" رواه الإمامُ أحمد (٤). فيتطيَّبُ الرجلُ بما ظَهَر ريحُه،


(١) في "مسنده" (٣٣٢٠)، وأخرجه. أيضًا. الترمذي (١٧٥٧) و (٢٠٤٨)، وابن ماجه (٣٤٩٩). قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه على هذا اللفظ الا من حديث عباد بن منصور.
(٢) أخرجه مسلم (١١٦٤) من حديث أبي أيوب الأنصاري .
(٣) لحديث علي ، والذي أخرجه ابن السنيِّ في "عمل اليوم والليلة" (١٦٣) أن النبي كان إذا نظر وجهه في المرآة قال: "الحمد لله، اللهم كما حسَّنت خَلْقي، فحسِّن خُلُقي".
وأخرجه أحمد (٣٨٢٣)، وابن حبان (٩٥٩) عن عبد الله بن مسعود ، دون ذكر النظر في المرآة.
(٤) في "مسنده" (٢٣٥٨١)، وأخرجه أيضًا الترمذي (١٠٨٠) من حديث أبي أيوب الأنصاري . قال الترمذي: وفي الباب عن عثمان وثوبان وابن مسعود وعائشة وعبد الله بن عمرو وأبي نجيح وجابر وعكَّاف. ثم قال: حديث أبي أيوب حديثٌ حسن غريب.