للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويكتحل وترًا.

أي: يفعله يومًا ويتركه يومًا؛ لأنَّه "نهى عن التّرجُّل إلا غبًّا" رواه النسائي، والترمذيُّ وصححه (١).

والترجيل (٢): تسريحُ الشعَرِ ودهنُه. ولحيةٌ كرأسٍ.

(ويكتحلُ) ندبًا كلَّ ليلةٍ

الصحابةِ، وأن مثلَه نوعُ المأكلِ والملبس، فإنَّهم لمَّا فتحوا الأمصارَ، كان كلٌّ منهم يأكلُ من قوتِ بلدِه (٣)، ويلبَسُ من لباسِ بلده، من غير أنْ يقصِدوا قوتَ المدينة ولباسها. قال: فالاقتداءُ به تارةً يكونُ في نوعِ الفعل، وتارةً في جنسِه، فإنَّه قد يُفعَل الفعلُ لمعنًى يَعُمُّ ذلكَ النوعَ وغيرَه، لا لمعنًى يَخصُّه فيكونُ المشروعُ هو الأَمرَ العامَّ. قال: وهذا ليس مخصوصًا بفعلِه وفعلِ أصحابه، بل وبكثيرٍ ممَّا أمرهُم به، ونهاهُم عنه (٤).

(أي: يفعلُه يومًا ويتركُه يومًا) هذا تفسيرٌ للغِبِّ تفسير مراد، وإنَّما يفعلُ كذلك ليتشرَّبَ بدنُه ما يدَّهِنُ به في ذلك اليوم المتروك، ثم يدَّهِنُ بعدَه. وقد يُطلَقُ الغِبُّ ويرادُ به: أحيانًا وأحيانًا، كصلاةِ الضحى فإنَّ عدمَ المداومةِ عليها أفضلُ، وكما في قولهم: زُرْ غِبًّا تزدد حُبًّا (٥). أي: زر الأحبابَ أحيانًا أحيانًا، يشتاقوا إليك، ويزدادوا فيك حُبًّا. دنوشري بإيضاح. (ويكتحل وِتْرًا … إلخ) أي: وسُنَّ اكتحالٌ كلَّ ليلةٍ قبلَ نومٍ


(١) النسائي في "المجتبي" ٨/ ١٣٢، والترمذي (١٧٥٦)، وأخرجه أيضًا أبو داود (٤١٥٩) من حديث عبد الله بن مغفل .
(٢) في (ح): "والترجل".
(٣) في الأصل: "البلدة". والمثبت من "كشاف القناع".
(٤) "كشاف القناع" ١/ ٧٤ - ٧٥.
(٥) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٠/ ٤٩٨: قد ورد من طرق أكثرها غرائب لا يخلو واحدٌ منها من مقال .. وجاء من حديث علي وأبي ذر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وأبي برزة وعبد الله بن عمر وأنس وجابر وحبيب بن مسلمة ومعاوية بن حيدة.