للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إلَّا بانفصالِه.

وعُلم مما تقدَّمَ أنَه لو كان الماءُ في الصورِ الثلاثِ كثيرًا، كما لو انغمس الجُنُب، أو غَمسَ المتوضئُ أعضاءَ وُضوئهِ واحدًا بعدَ واحدٍ، أو غُمس الميتُ في كثيرٍ، لم تنسلب طهوريتُه.

وأنَّه لو استُعملَ اليسيرُ في طهارةِ مستحبَّةٍ، كتجديدِ وضوءٍ، وغُسلِ جمعةٍ، وغسلةٍ ثانية وثالثةٍ، لم تنسلب طهوريتُه أيضًا، لكنْ صرَّح في "الإقناعِ" (١) بكراهةِ هذا النوعِ، أعني: المستعملَ في طهارةٍ مستحبةٍ. وظاهر "المنتهى" (٢) كـ "التنقيح" و"الفروع" (٣) و "المبدع" و "الإنصافِ" (٤) وغيرها: عدمُ الكراهة، واستوجَه المصنفُ

(إلَّا بانفصاله) أي: بشرطِ كمال الطهارة، فيكونُ استعماله موقوفًا على كمال الطَّهارةِ، فإنْ كَمَلت، تَبيَّنَّا أنَّه استُعمِل من حين انفصالِه عن العضو، وإن لم تَكمُل الطهارةُ، لم يكن الماءُ مستعملًا كما يُفهَم ذلكَ مِن كلام "الإنصاف" (٥). منه، قال الدَّنُوشري: ويترتَّبُ على قول الشارح: "ولا يصير الماء في الطَّهارتين … إلخ" أنَّه لو اغتَرف مِنهُ آخرُ بإناء أو بيدِه، ونَوى الاغترافَ، وتوضَّأ، أو اغتسلَ به قبلَ انفصالِ العضوِ منه، فإنَّه يرتفعُ حدثُه؛ لأن الماءَ باقٍ على طَهورَيتَّهِ.

(وعُلِم مما تقدَّم .. إلخ) هذا مفهوم قوله: "أو رُفِع بقليله .. إلخ" وبيانُ محتَرزاته.

وقوله: (في الصُّوَرِ الثلاث) أعني: رفعَ الحدثِ الأصغر، والأكبرِ، وغسلَ الميِّت بدليل صنيعه.

وقوله: (وأنَّه لو استعملَ اليسيرَ في طهارةٍ مُستَحبَّةٍ … إلخ) معطوفٌ على قوله: "أنَّه لو كانَ الماءُ في الصُّوَرِ الثلاث … إلخ".


(١) "الإقناع" لموسى بن أحمد الحجاوي ١/ ٨.
(٢) "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات" لابن النجار الفتوحي ١/ ٦.
(٣) ١/ ٧٤.
(٤) "الإنصاف ومعه المقنع والشرح الكبير" ١/ ٦٠ - ٦٥.
(٥) ١/ ٦٠.