للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما مرَّ.

أو رُفعَ بقليلِه حدثٌ،

ولو وُضع قصدًا.

و (ما مرَّ) ذكره في الطَّهور مما لا يُمازجُ الماءَ، كدهنٍ وقِطَع كافورٍ، وما أصله الماء كالملح المائي، فإنَّ المتغير بهذا لا تَنسلبُ طَهوريتُه، سواءٌ سقطَ فيه بنفسِه، أو وضَعَه فيه واضعٌ.

(أو) أي: ومن أقسام الطاهر ما (١) (رُفعَ) بالبناء للمفعول (بقليلهِ) أي: الطَّهورِ، أي: بما دون القُلَّتين (حَدَثٌ) نائبُ فاعلِ: "رُفعَ" يعني: أنَّ الماءَ اليسيرَ المستعملَ

(ولو وُضع قصدًا … إلخ) فتغيَّرَ به تغيُّرًا كثيرًا؛ فإن ذلك لا يسلبه؛ لأنَّ الترابَ أحدُ الطَّهورين، ولأن الشارعَ أمَر بخلطِه في الماءِ الطهورِ؛ لإزالةِ النجاسةِ الكلبيَّةِ (٢) والخنزيرِ وما تولَّدَ منهما، ولأن التغيُّرَ به كدرةٌ لا تمنعُ إطلاقَ اسمِ الماءِ عليه، فيقالُ فيه: ماءٌ كدرٌ، وجزمَ في "المغني" (٣) و "الشرح الكبير" (٤) أنَّه طهورٌ؛ لكونهِ يُوافقُ الماءَ في صفتَيهِ الطاهريَّةِ والطهوريَّةِ، وهذا كلُّه مع رقَّتِه، فإنْ ثَخُنَ بحيثُ صارَ لا يجري على الأعضاء لم تصحَّ الطهارةُ به؛ لأنَّه طينٌ، فإن صُفِّي من الترابِ، فطهورٌ. دَنُوشَري.

(يعني: أنَّ الماءَ اليسيرَ المستعملَ في رفعِ حدثٍ … إلخ) تفسيرٌ لقولهِ: "أو" أي: ومِنَ الأقسامِ الطاهرةِ ما … إلخ. وإنَّما صارَ مستعملًا؛ لأنَّه أدَّى به مالا بدَّ منهُ، وهو رفعُ الحدثِ، فهو طاهرٌ غيرُ طهورٍ، ولأنَّ الصحابةَ لم يَجمعوا الماءَ القليل المستعملَ في أسفارِهم القليلةِ الماءِ؛ ليتطهَّروا به ثانيًا، بل عَدَلوا عنه إلى التيمُّمِ، فدل ذلك على أن الماءَ


(١) في (ز) و (ح): "ماء".
(٢) أخرج مسلم (٢٧٩) (٩١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهنَّ بالتراب".
(٣) ١/ ٢٣.
(٤) "الشرح الكبير ومعه المقنع والإنصاف" ١/ ٥٧.