للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: فرُفِع إلى العثماني فحبَسه، وعزم عَلَى قتله، ونُصِبت خشبته خارج الحرم. وبلغ وكيعًا وهو محبوس.

قَالَ الحارث بْن صِدّيق: فدخلت عَليْهِ لمّا بلغني، وقد سَبقَ إليه الخبر.

قَالَ [١] : وكان بينه وبين سُفْيان بْن عُيَيْنَة يومئذ تَبَاعد فقال: ما أرانا إلا قد اضطُّررنا إلى هذا الرجل واحتجْنا إليه، يعني سُفْيان.

فقلت: دعْ هذا عنك، فإنْ لم يُدرك قُتِلْتَ.

فأرسل إليه وفزع إليه. فدخل سُفْيان عَلَى العثمانيّ فكلّمه فيه.

والعثماني يأبى عَليْهِ، فقال لَهُ سُفْيان: إنّي لك ناصحُ. إنّ هذا رجل مِن أهل العِلْم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فَتُشخَص لمناظرتهم.

قَالَ: فعمل فيه كلام سُفْيان، وأمر بإطلاقه. فرجِعتُ إلى وكيع فأخبرته. وأُخرِجَ، فركب حمارًا، وحملناه ومتاعه، فسافر.

فدخلت عَلَى العثمانيّ مِن الغد وقلت: الحمد للَّه الَّذِي لم تُبْلَ بهذا الرجل، وسلَّمك الله.

قَالَ: يا حارث ما ندمت عَلَى شيء ندامتي عَلَى تَخْلِيته. خطر ببالي هذه الليلة حديث جَابِر بْن عبد الله قَالَ: حوّلت أَبِي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رِطابًا يُثبتون [٢] ، لم يتغيّر منهم شيء.

قَالَ الفسويّ [٣] : فسمعت سَعِيد بْن منصور يَقُولُ: كنّا بالمدينة، فكتب أهل مكّة، إلى أهل المدينة بالذي كَانَ مِن وكيع، وقالوا: إذا قِدم عليكم فلا تتّكلوا عَلَى الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.

قَالَ: ففرضوا عليَّ ذَلِكَ، وبلَغنا الَّذِي هُمْ عَليْهِ. فبعثنا بريدًا إلى وكيع


[١] القائل هو: الحارث بن الصّدّيق، كما في (المعرفة والتاريخ ١/ ١٧٥ و ١٧٦) وكما سيأتي في السياق.
[٢] هكذا في الأصل. وفي المعرفة والتاريخ ١/ ١٧٦ «ينشون» ، وانظر تعليق المحقّق.
[٣] في المعرفة والتاريخ ١/ ١٧٦.