للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمين يمسح الدم عَنْ وجهه ثمّ قَالَ:

ضربوا قُرَّةَ عيني ... مِن أجلي ضربوه

أخذ الله لقلبي ... مِن أُناسٍ احرقوه

قَالَ: ولم يؤاته طبعه لزيادة، فأحضر عَبْد الله بْن أيّوب التَّيْميّ الشّاعر، وقال لَهُ:

قلَّ عليهما. فقال:

ما لمن أهوى شَبيهُ ... فَبِهِ الدنيا تتيهُ

وَصْلُهُ حُلْوٌ ولكن ... هجرهُ مُرٌّ كريهُ

مَنْ رَأَى الناسُ لَهُ ... فضلا عليهم حَسَدوهُ

مثل ما حسدَ القائمَ ... بالمُلْك أَخُوهُ

فقال الأمين: أحسنَت والله. بحياتي يا عبّاسيّ، أنظر، فإنْ كَانَ جاء عَلَى ظهر فأوقره لَهُ، وإن كَانَ جاء في زورق فأوقره لَهُ.

قال: فأوقر له ثلاثة أبغال دراهم [١] .

وقيل: إنّ سليمان بْن منصور رفع إلى الأمين أنّ أبا نواس هجاه، فقال: يا عمّ، أقتله بعد قوله:

أهدي الثَّناء إلى الأمينِ محمدٍ ... ما بعده بتجارةٍ متربَّصُ

صَدَقَ الثَّناءُ عَلَى الأمين محمدٍ ... ومِن الثناء تكذُّبٌ وتخرُّصُ

قد يَنْقُصُ البدرُ [٢] المنيرُ إذا اسْتَوَى ... وبهاءُ نورِ محمدٍ ما ينقُصُ

وإذا بُنوا المنصورِ عُدّ حَصَاهُم ... فمحمدٌ ياقوتُها المتخلَّصُ

فغضب سليمان، فقال الأمين: فكيف يا عمّ أعمل بقوله، ثمّ أنشده أبياتًا أخَر، ثمّ أبياتًا. ثمّ أرضى سليمان بحبْس أَبِي نُواس [٣] .

وكانت خلافته أربع سنين وأياما.


[١] تاريخ بغداد ٣/ ٣٣٩.
[٢] في تاريخ بغداد «القمر» .
[٣] تاريخ بغداد ٣/ ٣٤٠.