للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنصور عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ العبّاس بْن عَبْد المطلب الهاشميّ العباسيّ البغداديّ.

كَانَ وُلّي عهد أَبِيهِ، فولي الخلافة بعد موت أَبِيهِ. وكان مِن أحسن الشباب صورة، أبيض، طويلا، جميلا [١] ، ذا قوّة مُفْرِطة وبطْش وشجاعة معروفة، وفصاحة، وأدب، وفضيلة، وبلاغًا. لكن كَانَ يسيء التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأي، أرعن، لا يصلُح للإمارة.

ومن شدّته قيل أنّه قتل مرّة أسدا بيديه، وهذا شيء عجيب [٢] .

وَوَرَد أنّه كتب بخطّهِ رُقعة إلى طاهر بْن الحسين فيها: يا طاهر، ما قام لنا منذ قمنا قائم بحقّنا، فكان جزاؤه عندنا إلا السيف، فانظر لنفسك أو دَعْ.

قَالَ: فلم يزل طاهر يتبيّن موقع الرُّقعة منه.

قلت: وكان طاهر قد انتُدب لحربه مِن جهة أخيه المأمون، فكتب لَهُ هذه الورقة، وهي غاية في التخذيل، لأنه لوّح فيها بأبي مُسْلِم وأمثاله الذين بذلوا نفوسهم في النُّصْحِ، فكان مآلُهُم إلى القتل.

قَالَ المسعوديّ [٣] : إلى وقتنا هذا، ما وُلّي الخلافة هاشميّ ابن هاشميّة، سوى عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ومحمد بْن زُبَيْدة، يعني الأمين.

وقد مرّ في الحديث دولة الأمين وحروبه وما صار إِليْهِ.

وكنّاه بعضهم أبا موسى.

عاش سبْعًا وعشرين سنة. وآخر أمره خُلِع ثمّ أُسِر وقُتِل صبرًا في المحرَّم سنة ثمانٍ وتسعين ومائة بظاهر بغداد، وطيف برأسه.

الصُّوليّ: ثنا أبو العَيناء: حدَّثني محمد بْن عَمْرو الرُّوميّ قَالَ: خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب فأصابته رجمة في وجهه، فجلس يبكي، وجعل


[١] تاريخ بغداد ٣/ ٣٣٧.
[٢] انظر حكايته مع الأسد وقتله في مروج الذهب ٣/ ٤٠٣.
[٣] في مروج الذهب ٣/ ٤٠٤، ٤٠٥.