للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخبرني خادمه أنّه عمل آخر سَفرة سافرها دَعوة، فقدّم إلى النّاس خمسةً وعشرين خِوَانًا فالُوذَج [١] .

قال عليّ بن خَشْرم: حدَّثني سَلَمة بن سُليمان قال: جاء رجل إلى ابن المبارك وسَأله أن يقضي عنه دَيْنًا، فكتب إلى وكيله، فلمّا وَرَدَ عليه الكتاب قال للرجل: كم دينك الّذي سألت؟ قال: سبعمائة درهم!.

قال: فكتب إلى ابن المبارك: إنّ هذا سألك وفاء سبعمائة درهم، وقد كتبتَ إلي بسبعة آلاف درهم، وقد فَنِيَتِ الغلات. فكتب إليه عبد الله: إنْ كانت الغلات فنِيَتْ فإنّ العمر أيضًا قد فني، فأَجْرِ له ما سبق به قلمي [٢] .

وروى مثلَها أبو الشّيخ الحافظ: نا أحمد بن إبراهيم، نا عليّ بن محمد بن رَوْح: سمعتُ المسيّب بن وضّاح قال: كنتُ عند ابن المبارك، فكلّموه في رجلٍ عليه سبعمائة درهم، وذكر الحكاية. وفيها أنّ كاتبه لما راجَعه في ذلك أضعفَ السَّبعة آلاف [٣] .

وفي حكاية أخرى أنّ ابن المبارك قضى عن شابٍّ عشرة آلاف درهم [٤] .

قال الفتح بن شَخْرَف: نا عبّاس بن يزيد، نا حِبّان بن موسى قال:

عُوتب ابن المبارك فيما يفّرق من الأموال في البلدان، ولا يفعل في مَرْو، إني أعرف مكان قومٍ لهم فضل وصِدْق، طلبوا الحديث فأحسنوا الطَّلَب، يحتاج النّاس إليهم، احتاجوا، فإنّ تركتُهُم ضاع عِلْمهم، وإنّ أعَنّاهم بثّوا العِلم، ولا أعلم بعد النُّبُوَّة أفضل من بث العِلم [٥] .

إبراهيم بن بشّار الخراساني: سمعتُ عليّ بن الفُضَيْلِ يقول: سمعت


[١] صفة الصفوة ٤/ ١٤١، تهذيب الكمال ٢/ ٧٣١، ٧٣٢.
[٢] تاريخ بغداد ١٠/ ١٥٨، ١٥٩، صفة الصفوة ٤/ ١٤٢.
[٣] صفة الصفوة ٤/ ١٤٣.
[٤] انظر مناقب أبي حنيفة ٤٥١.
[٥] تاريخ بغداد ١٠/ ١٦٠، صفة الصفوة ٤/ ١٢٨، تهذيب الكمال ٢/ ٧٣١.