للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عَبَدان: قال ابن المبارك في التدليس قولا شديدا، ثم أنشد:

دلّس للنّاس أحاديثَه ... والله لا يقبل تدليسا

وعن ابن المبارك: من استخفّ بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخفّ بالأمر ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته.

عن أشعث بن شُعبة المَصِّيصيّ قال: قدِم الرشيد الرَّقَّةَ، فانجفل النّاس خَلَف ابن المبارك، وتقطّعت النِّعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أمُّ ولد للخليفة فقالت: هذا واللهِ المُلْك لا مُلْك هارون الذي لا يجمع النّاس إلا بشُرَط وأعوان [١] .

أبو حاتم الرّازيّ: سمعتُ عَبَدة بن سُليمان المَرْوَزِيّ يقول: كنّا في سَريّةٍ مع ابن المبارك في بلاد الروم. فصادفنا العدوّ، ولمّا التقى الْجَمْعان خرج رجلُ للمبارزة، فبرز إليه رجل [فقتله] ، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز، فخرج إليه رجلٌ فطارده ساعة، ثمّ طعنه فقتله، فازدحم النّاس، فزاحمتُ فإذا هو ملثَّم وجهُهُ، فأخذت بطرف ثوبه فمددْتهُ، فإذا هو عبد الله بن المبارك، فقال: [وأنت] يا أبا عمرو ممن يُشَنّع علينا؟ [٢] .

وقال محمد بن المثنَّى: ثنا عبد الله بن سنان قال: كنت مع ابن المبارك، والمعتمر بن سُليمان بطَرَسُوس، فصاح النّاس النفير، فخرج ابن المبارك والناس، فلمّا اصطفّ المسلمون والعدو خرج روميُّ وطلب البراز، فخرج إليه رجلُ، فشدّ العِلْج على المسلم فقتله، حتّى قتل ستة من المسلمين، وجعل يتبختر بين الصَّفّين يطلب المبارزة، ولا يخرج إليه أحد.

قال: فالتفت إلى ابن المبارك وقال: يا فلان، إنّ حَدَثَ بي الموت فافعل كذا وكذا. وحرّك دابتهُ وبرز للعِلْج، فعالج معه ساعةً فقتل العِلْج، وطلب


[١] تاريخ بغداد ١٠/ ١٥٦، ١٥٧، صفة الصفوة ٤/ ١٢٧، مناقب أبي حنيفة ٤٤٦، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١/ ٢٨٦، البداية والنهاية ١٠/ ١٧٨، وفيات الأعيان ٣/ ٣٣، تهذيب الكمال ٢/ ٧٣٢.
[٢] تاريخ بغداد ١٠/ ١٦٧، صفة الصفوة ٤/ ١٤٤، وانظر: آثار البلاد وأخبار العباد ٤٥٨، ومرآة الجنان ١/ ٣٨٠.