للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن حرب المكّيّ: قدِم العُمريّ فاجتمعنا إليه، فلمّا نظر إلى القصور المحروقة بالكعبة نادى بأعلى صوته: يا أصحاب القبور المشيَّدة اذكروا ظُلْمة القُبُور الموحشة، يا أهل التنعُّم والتلذُّذ اذكروا الدُّودَ والصَّديد، وبلاء الأجسام في التراب. ثمّ غلبه عيّه فنام [١] .

أخبرنا إسحاق الأسَديّ، أنا ابن جميل، أنا الكاغديّ، أنا أبو علي، أنا أبو نعيم، نا سُليمان بن أحمد، نا إسحاق الخُزاعيّ، نا الزُّبَير بن بكّار، ثنا سُليمان بن محمد بن يحيى: سمعتُ عبد الله بن عبد العزيز العُمريّ يقول:

قال لي موسى بن عيسى: ينهى إلى المؤمنين أنك تشتمه وتدعو عليه، فبأيّ شيء استجزتَ ذلك؟.

قلت: أمّا شَتْمُهُ فهو واللهِ أكرم عليّ من نفسي، لقرابته من رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمّا الدّعاء عليه فو الله ما قلت اللَّهمّ إنّه قد أصبح عِبئًا ثقيلا على أكتافنا، ولا تطيقُهُ أبداننا، وقَذي في جُفُوننا، لا تطرف عليه جفوننا، وشجيً في أفواهنا لا تسيغه [٢] حُلُوقَنا، فاكفنا مئونته [٣] ، وفرِّقْ بيننا وبينه. ولكن قلت:

اللَّهمّ إنْ كان تَسَمَّى بالرشيد ليُرشِد [٤] فأرشِدْهُ، أو لغير ذلك فراجِعْ به.

اللَّهمّ إنْ له في الإسلام بالقياس على كلّ مؤمن حقًّا، وله بنبيّك قرابة ورحِم، فقرّبْه من كلّ خير، وباعِدْه من كل سوء. وأسْعِدْنا به، وأصْلِحْه لنفسه ولنا.

فقال موسى: رحِمك الله أبا عبد الرحمن كذلك لعمري [٥] الظّنّ بك [٦] .

أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الْفَضَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا سُلَيْمَانُ بن أحمد، ثنا موسى بن


[١] هكذا في الأصل: وفي حلية الأولياء ٨/ ٢٨٥ وسير أعلام النبلاء ٨/ ٣٣٣ «فغلبته (ثم غلبته) عينه (عيناه) فنام» .
[٢] في الحلية: «تسفه» .
[٣] في الحلية: «باكفنا موته» وهو تحريف.
[٤] في الحلية «لرشد» .
[٥] في الحلية «كذلك يا عمري» .
[٦] حلية الأولياء ٨/ ٢٨٥، ٢٨٦.