للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمار ومعه غلام إلى العُمريّ فوعظه، فبكى الرشيد وحُمِلَ مَغْشِيًّا عليه [١] .

قال إسماعيل بن أبي أُوَيْس: كتب عبد الله العُمريّ إلى مالك، وابن أبي ذيب، وغيرهما بكُتُب أغلَظَ لهم فيها، وقال: أنتم علماء تميلون إلى الدنيا وتَلْبَسون، وتَدَّعُون التَّقَشُّف. فكتب له ابن أبي ذيب كتابًا أغلظ له، وجاوَبه مالك جواب فقيه.

وقيل إن العُمريّ وعظ الرشيد، فتلقّى قَوله بنعم يا عمّ [٢] . فلمّا ذهب اتْبعه الأمين والمأمون بكيسين فيهما ألف دينار، فلم يأخذها. وقال: هو أعلم بمن يفرّقها عليه، ثم أخذ من الكيسين دينارّا وقال: كرهتُ أن أجمع عليه سوء القول وسوء الفعل.

وشخص إليه بعد ذلك إلى بغداد، فكره الرشيد مجيئَه، وجمع العمريّين وقال: ما لي ولابن عمْكم، احتَمَلْتُه بالحجاز فأتى إلى دار ملكي يُريد أن يُفسد عليّ أوليائي. رُدُّوه عنّي. قالوا: لا يقبل منّا.

فكتب إلى الأمير موسى بن عيسى أن يرفَق به حتّى يردّه.

أحمد بن زهير: ثنا مُصْعَب الزُّبَيْريّ قال: كان العمريّ جسيما أصفر، لم يكن يقبل من السلطان ولا من غيره، ومَن وُلّي من معارفه وأقاربه لا يكلّمه.

وقد وُلّي أخوه عمر المدينة وكرْمان واليمامة، فهجره حتّى مات. ما أدركت بالمدينة رجلا أهْيَبَ عند السلطان والعامّة منه.

وكان ابن المبارك يَصِلُه فيقبل منه.

قال: وقدِم الكوفة يريد أن يخوّف الرشيد باللَّه. فرجفت لقدومه الدّولة، حتّى لو كان نزل بهم مائة ألف من العدوّ، ما زاد من هيبته، فرجع من الكوفة، ولم يصل إليه.

قال يحيى بن أيّوب العابد: حدَّثني بعض أصحابنا قال: كتب مالك بن


[١] انظر: صفة الصفوة ٢/ ١٨٢ و ١٨٣.
[٢] صفة الصفوة ٢/ ١٨٢ و ١٨٣.