للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد العزيز العُمريّ، أنّ الرشيد قال: والله ما أدري ما آمُرُ في هذا العُمريّ.

أكرهُ أن أقدمَ عليه وله سَلَفٌ أكرمهم [١] ، وإنّي أحب أن أعرف رأيه [٢] ، يعني فينا.

فقال عَمْر بن بزيع، والفضل بن الربيع: نحن له. فخرجنا من العَرْج [٣] إلى موضعٍ يقال له خلص [٤] ، حتى ورد عليه بالبادية في مسجدٍ له، فأناخا راحلتيهما. بمن معهما، وأتياه على زِيّ الملوك في حشمة. فجلسا إليه وقالا:

يا أبا عبد الرحمن نحن رسل من وراءنا من أهل المشرق يقولون لك: اتق الله، وإنْ شئت فانهض.

فقال: وَيْحكما، فيمن ولمن؟ قالا: أنت! قال: والله ما أحبّ أنّي لقيت الله عزّ وجلّ بمحجمة دمِ مسلم، وأنّ لي ما طَلَعَتْ عليه الشمس.

فلمّا آيسا منه قالا: إن معنا عشرين ألفًا تستعين بها.

قال: لا حاجه لي بها.

قالا: أعطِها مَن رأيت.

قال: أعطياها أنتما.

فلما آيسا منه ذَهَبَا ولحِقا بالرشيد، فقال: ما أبالي ما أصنعُ بعد هذا.

قال: فحجّ العُمريّ في تلك السّنة، فبينما هو في المسعى اشترى شيئًا، فإذا بالرشيد يسعى على دابّته، فتعرّض له العُمريّ واتاه حتّى أخذ بلجام الدّابّة، فأهْوَوْا إليه، فكفّهم الرشيد، وكلّمه، يعني وعظه، فرأيت دموع الرشيد تسيل على مَعْرفة دابّته، ثمّ انصرف [٥] .

وروى عليّ بن حرب الطّائيّ، عن أبيه قال: مضى هارون الرشيد على


[١] في تاريخ الطبري «وله خلف أكرههم» .
[٢] في تاريخ الطبري «طريقه» .
[٣] العرج: بفتح أوله، وإسكان ثانيه، بعده جيم. قرية جامعة على طريق مكة من المدينة بينها وبين الرّويثة أربعة عشر ميلا. (معجم ما استعجم ٣/ ٩٣٠) .
[٤] خلص: بفتح أوله، وإسكان ثانيه، وبالصاد المهملة: واد من أودية خيبر. (معجم ما استعجم ٢/ ٥٠٧) .
[٥] الخبر باختصار شديد في صفة الصفوة ٢/ ١٨٣.