للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو محمد الفارسيّ ثم المغربيّ. فَقِيهُ الْقَيْرَوَانِ وَزَاهِدُهَا.

وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ بِالأَنْدَلُسِ، ثُمَّ رَحَلَ وَأَخَذَ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَزَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ. وَتَفَقَّهَ مُدَّةً بِمَالِكٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَاسْتَوْطَنَ الْقَيْرَوَانَ، وَتَعَلَّمَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا. وَكَانَ صَالِحًا وَرِعًا قَوَّالا بِالْحَقِّ، لا يَهَابُ الْمُلُوكَ فِي نَهْيِهِمْ عَنِ الظُّلْمِ.

وَكَانَ كَثِيرَ التَّهَجُّدِ وَالتَّأَلُّهِ.

قِيلَ: إِنَّ رَوْحَ بْنَ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيَّ قَالَ لابْنِ فَرُّوخٍ: إِنَّكَ تَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْنَا؟

قَالَ: نَعَمْ.

فَغَضِبَ مِنْهُ، فَقَالَ ابْنُ فَرُّوخٍ: وَذَلِكَ مَعَ ثَلاثِمِائَةٍ وَسَبَعَةِ عَشَرَ عِدَّةُ أَصْحَابِ بَدْرٍ، كُلُّهُمْ أَفْضَلُ مِنِّي.

فَقَالَ رَوْحٌ: أَمَّنَّاكَ مِنْ أَنْ تَخْرُجَ أَبَدًا.

ثُمَّ أَلْزَمَهُ بِالْقَضَاءِ وَأَقْعَدَهُ فِي الْجَامِعِ، وَأَمَرَ الْخُصُومَ أَنْ يَأْتُوهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: ارْحَمُونِي رَحِمَكُمُ اللَّهُ.

ثُمَّ أَعْفَاهُ بَعْدُ، وَاسْتَقْضَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَانِمٍ، فَكَانَ يُشَاوِرُ ابْنَ فَرُّوخٍ فِي أُمُورِهِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لَمْ أَقْبَلْهَا أَمِيرًا، فَكَيْفَ أَقْبَلُهَا وَزِيرًا؟ فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ خَرَجَ ابْنُ فَرُّوخٍ إِلَى مِصْرَ، فَمَاتَ بِهَا.

وَكَانَ يَرَى الْخُرُوجَ وَالسَّيْفَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مِصْرَ رَجَعَ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ [١] .

قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَدِمَ مِصْرَ فَسَمِعَ مِنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ [٢] .

قلت: وهشام بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، وَخَلادُ بْنُ هِلالٍ التَّمِيمِيُّ.

وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ فِي «الْغَيْلانِيَّاتِ» من طريق التّرمذيّ محمد بن


[٢٠٩، ٢١٠،) ] ومعالم الإيمان للدبّاغ ١/ ٢٣٨- ٢٤٨ رقم ٧٢، ورياض النفوس للمالكي ١/ ١١٣، ١٢٢.
[١] ترتيب المدارك ١/ ٣٣٩، ٣٤٠، تاريخ إفريقية ١٧٨.
[٢] تهذيب الكمال ١٥/ ٤٢٩.