للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَا حَسَدْتُ الْحَجَّاجَ عَدُوَّ اللَّهِ عَلَى شَيْءٍ حَسَدِي إِيَّاهُ عَلَى حُبِّهِ الْقُرْآنَ وَإِعْطَائِهِ أَهْلَهُ، وَقَوْلِهِ حِينَ احْتُضِرَ: اللَّهمّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لا تَفْعَلُ.

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ الْحَجَّاجُ لَمَّا احْتَضَرَ:

يَا رَبِّ قَدْ حَلِفَ الأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا ... بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ

أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ وَيْحَهُمُ ... مَا عِلْمُهُمْ بِكَثِيرِ الْعَفْوِ سَتَّارِ [١]

فَأُخْبِرَ الْحَسَنُ فَقَالَ: إِنْ نَجَا فَبِهِمَا.

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الْمَخْزُومِيُّ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ، فَأُخْبِرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ، فَسَجَدَ [٢] .

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَبَكَى مِنَ الْفَرَحِ [٣] .

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ.

قُلْتُ: عَاشَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً.

قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ أَشْعَثَ الْحُدَّانِيِّ [٤] قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ فِي مَنَامِي بِحَالٍ سَيِّئَةٍ، قُلْتُ: مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: مَا قَتَلْتُ أَحَدًا قَتْلَةً، إِلا قَتَلَنِي بِهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَهْ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ، قُلْتُ: ثُمَّ مَهْ. قَالَ: ثُمَّ أَرْجُو مَا يَرْجُو أَهْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: إِنِّي لأَرْجُو لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّه لَيُخْلِفَنَّ اللَّهُ رَجَاءَهُ فِيهِ [٥] .

ذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ [٦] أَنَّهُ مَاتَ بِوَاسِطَ، وَعُفِيَ قَبْرُهُ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ الماء.


[١] في تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٨٥ «العفو غفّار» .
[٢] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٨٥.
[٣] المصدر نفسه.
[٤] في الأصل «الحذاني» بالذال المعجمة، والتصحيح من: (اللباب ١/ ٢٨٣) .
[٥] انظر نحوه باختصار، عن الأصمعي، عن أبيه. في تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٨٥.
[٦] في وفيات الأعيان ٢/ ٥٣.