للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ: لا، إِذَا أَقَرَّا بِالتَّوْحِيدِ [١] .

وَقَالَ الْعَبَّاسُ الأَزْرَقُ، عَنِ السَّرِيِّ [٢] بْنِ يَحْيَى قَالَ: مَرَّ الْحَجَّاجُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَسَمِعَ اسْتِغَاثَةً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيلَ: أَهْلُ السُّجُونِ يَقُولُونَ: قَتَلَنَا الحرّ، فقال: قولوا لهم: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ٢٣: ١٠٨ [٣] ، قَالَ: فَمَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا أَقَلَّ مِنْ جُمُعَةٍ [٤] .

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَنَى الْحَجَّاجُ وَاسِطًا فِي سَنَتَيْنِ وَفَرَغَ مِنْهُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ.

وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: مَرِضَ الْحَجَّاجُ، فَأَرْجَفَ بِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا عُوفِيَ صَعَدَ الْمِنْبَرَ وَهُوَ يَتَثَنَّى عَلَى أَعْوَادِهِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالْمِرَاقِ، نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي مَنَاخِرِكُمْ، فَقُلْتُمْ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَمَهْ، وَاللَّهِ مَا أَرْجُو الْخَيْرَ إِلا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا رَضِيَ اللَّهُ الْخُلُودَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ إِلا لِأَهْوَنِهِمْ عَلَيْهِ إِبْلِيسَ، وَقَدْ قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ سُلَيْمَانُ:

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ٣٨: ٣٥ [٥] فَكَانَ ذَلِكَ، ثُمَّ اضْمَحَلَّ وَكَأَنْ لَمْ يَكُنْ، يا أيّها الرَّجُلُ، وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ، كَأَنِّي بِكُلِّ حَيٍّ مَيِّتٌ، وَبُكِلِّ رَطْبٍ يَابِسٌ، وَبِكُلِّ امْرِئٍ فِي ثِيَابٍ طَهُورٍ إِلَى بَيْتِ حُفْرَتِهِ، فَخُدَّ لَهُ فِي الأَرْضِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ طُولا فِي ذِرَاعَيْنِ عَرْضًا، فَأَكَلَتِ الأَرْضُ مِنْ لَحْمِهِ، وَمَصَّتْ مِنْ صَدِيدِهِ وَدَمِهِ [٦] .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَبْغَضُ الْحَجَّاجَ، فَنَفَّسَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةٍ قَالَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ: اللَّهمّ اغْفِرْ لي فإنّهم يزعمون أنّك لا تفعل [٧] .


[ () ] وقد ذكرت بعض أخباره وظلمه في كتابنا: دراسات في تاريخ الساحل الشامي- «لبنان» من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية، إذ كان موجودا بطرابلس الشام في خلافة سليمان بن عبد الملك وأول أيام عمر بن عبد العزيز- انظر: ص ٢١٥- ٢١٧.
[١] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٨٤.
[٢] في الأصل «السّدّي» ، وهو تحريف.
[٣] سورة المؤمنون، الآية ١٠٨.
[٤] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٨٤، ٨٥.
[٥] سورة ص، الآية ٣٥.
[٦] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٨٥.
[٧] المصدر نفسه.