للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلُح ذات بينهم حتّى يُهْرِيقُوا دمَ سبعين ألفًا، وما قتلت أمَّةٌ خليفتها فيُصْلِحُ الله بينهم حتّى يُهْرِيقُوا دمَ أربعين ألفًا، وما هلكت أمّةٌ حتّى يرفعوا القرآن على السلطان، قَالَ: فلم ينظروا فيما قَالَ: وقتلوه، فجلس على طريق عليّ بْن أبي طالب، فَقَالَ له: لَا تأتِ العراق وَالْزَمْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فو الّذي نفسي بيده لئن تركْتَهُ لَا تراه أبدًا، فَقَالَ من حول عليّ: دعنا نقتله، قَالَ: دعوا عبد الله بْن سلّام، فإنّه رجل صالح [١] .

قَالَ عبد الله بْن مُغَفَّلٍ: كنت استأمرت عبد الله بْن سلّام في أرضٍ أشتريها. فَقَالَ بعد ذلك: هذه رأس أربعين سنة، وسيكون بعدها صُلْح فاشْتَرِها. قيل لحُمَيْد بن هلال: كيف ترفعون القرآن على السُّلطان؟ قَالَ:

ألم تر إلى الخوارج كيف يتأوَّلُون القرآن على السُّلطان [٢] ؟

ودخل ابن عُمَر على عثمان وهو محصور فَقَالَ: مَا ترى؟ قَالَ: أرى أن تُعْطِيهم مَا سألوك من وراء عَتَبة بابِك غير أن لَا تَخْلَع نفسَك، فَقَالَ:

دونك عَطاءك- وكان واجدًا عليه- فَقَالَ: ليس هذا يوم ذاك. ثمّ خرج ابن عُمَر إليهم فَقَالَ: إيّاكم وقُتِل هذا الشيخ، واللَّهِ لئن قتلتموه لم تحجّوا البيت جميعا أبدا، ولم تجاهدوا عدوّكم جميعا أبدا، ولم تقتسموا فيئكم جميعا أبدا إلّا أن تجتمع الأجسادُ والأهواءُ مختلفة، ولقد رأيتنا وأصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوافِرون نقول: أَبُو بكر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ عثمان. رواه عاصم بْن محمد العُمَرِيّ، عَنْ أبيه، عَنِ ابن عُمَر [٣] .

وعن أبي جعفر القاري قَالَ: كان المصريّون الذين حصروا عثمان


[١] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٣٥٦.
[٢] تاريخ دمشق ٣٥٧.
[٣] أخرجه ابن عساكر ٣٥٩.