للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصبحت حَيْران لَا أرتجي ... جَنانًا، ولا أتّقي فيه نارًا [١]

وقال شِيرَوَيْه في «تاريخ هَمَذَان» : محمد بْن طاهر سكن هَمَذَان، وبنى بها دارًا. وكان ثقة، صدوقًا، حافظًا، عالمًا بالصّحيح والسّقيم، حسن المعرفة بالرجال والمُتُون، كثير التّصانيف، جيّد الخطّ، لازمًا للأثر، بعيدًا مِن الفُضول والتّعصُّب، خفيف الرّوح، قويّ السَّير في السَّفَر، كثير الحجّ والعُمْرة. كتب عَنْ عامّة مشايخ الوقت [٢] .


[١] عيون التواريخ ١٢/ ٢٦.
[٢] وقال ياقوت الحموي: وكان كما علمت وقّاعة في كل من انتسب إلى مذهب الشافعيّ، لأنه كان حنبليّا. (معجم الأدباء ١٤/ ٩٧) في ترجمة «علي بن فضّال المجاشعي» .
وقد علّق الحافظ ابن حجر على قول ياقوت بأن ابن طاهر ما كان حنبليّا، بل هذه صفة ابن ناصر الّذي قال عنه إنه كان يذهب مذهب الإباحة، لأنه كان شافعيا ثم تحنبل وتعصّب، فلعلّ ياقوت انتقل ذهنه من ابن ناصر إلى ابن طاهر. (لسان الميزان ٥/ ٢٠٩) .
وقال ابن خلّكان: كان أحد الرحّالين في طلب الحديث.. وكان من المشهورين بالحفظ والمعرفة بعلوم الحديث، وله في ذلك مصنّفات ومجموعات تدلّ على غزارة علمه وجودة معرفته.
وصنّف تصانيف كثيرة، منها: «أطراف الكتب الستة» وهي: صحيح البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، و «أطراف الغرائب» تصنيف الدارقطنيّ، وكتاب «الأنساب» في جزء لطيف، وهو الّذي ذيّله الحافظ أبو موسى الأصبهاني، وغير ذلك من الكتب.
وكانت له معرفة بعلم التصوّف وأنواعه، متفنّنا فيه، وله فيه تصنيف أيضا. وله شعر حسن، وكتب عنه غير واحد من الحفّاظ. (وفيات الأعيان ٤/ ٢٨٧) .
وقال ابن نقطة: صنّف كتبا في علوم الحديث، وكانت له معرفة بذلك، وكان مقيما بهمذان ويرحل إلى الحجّ في كل عام، وذكر أنه سافر إلى الحجاز ثلاثين سنة. (التقييد ٦٩) .
وقال ابن السمعاني إن أبا المفاخر الحسن بن سيد الكاتب الرازيّ حمل إليه كتابا لابن طاهر المقدسي سمّاه «اللباب محذوف المسانيد» وذكر أنه سمعه من مصنّفه، فقرأت عليه حديثا، أو حديثين في أوله مسندا. (التحبير ١/ ١٩٩، ٢٠٠) .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (ميزان الاعتدال ٣/ ٥٨٧) : «ليس بالقويّ، فإن له أوهام كثيرة في تواليفه.
وله انحراف عن السّنّة إلى تصوّف غير مرضيّ، وهو في نفسه صدوق لم يتّهم» .
وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٦٨) : أنبئت عن أبي جعفر الطرسوسي، عن ابن طاهر قال: لو أنّ محدّثا من سائر الفرق أراد أن يروي حديثا واحدا بإسناد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوافقه الكلّ في عقده، لم يسلم له ذلك، وأدّى إلى انقطاع الزوائد رأسا، فكان اعتمادهم في