للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: الدماء.

قَالَ: والله ما سفكت دمًا حرامًا منذ وليت.

قُلْتُ: فلم قتلت أَحْمَد بن الطيب؟

قَالَ: دعاني إلى الإلحاد.

قُلْتُ: فالثلاثة الذين نزلوا المقثأة؟

قَالَ: والله ما قتلتهم، وإنما قتلت لصوصًا قد قتلوا، وأوهمت أَنَّهُم هم [١] .

وَقَالَ البَيْهَقِيّ، عن الحاكم، عَنْ أَبِي الوليد حسّان بْن محمد الفقيه، عن أبن شريح، عن إسْمَاعِيل القاضي قَالَ: دخلت على المُعْتَضِد، وعلى رأسه أحداث صباح الوجوه روم، فنظرت إليهم، فرآني المُعْتَضِد أتأملهم، فَلَمَّا أردت القيام أشار إليَّ ثُمَّ قَالَ: أيها القاضي، والله ما حللت سروالي على حرامٍ قط [٢] .

ودخلتُ مرة، فدفع إليَّ كتابا، فنظرت فيه، فَإِذَا قد جمع له فيه الرخص من ذَلِكَ العلماء، فَقُلْتُ: مصنّف هَذَا زنديق.

فَقَالَ: ألم تصح هذه الأحاديث؟

قُلْتُ: بلى، ولكن من أباح المُسكر لم يبح المُتعة. ومن أباح المتعة لم يُبح الغناء. وما من عالم إِلا له زلة، ومن أخذ بكلّ زلل العلماء ذهب دينه. فأمر بالكتاب فأُحرق [٣] .

وَقَالَ أبو عليّ المحسّن التّنوخيّ: بلغني عن المُعْتَضِد أَنَّهُ كان جالسًا في بيتٍ يُبنى له، فرأى في جملتهم أسود منكر الخلقة يصعد على السّلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعفا ما يحملونه، فأنكر أمره، فأحضره وسأله عن سبب ذَلِكَ، فتلجلج. وكلمه ابن حمدون فيه وقال: من هَذَا حَتَّى صرفت فكرك إليه؟

قَالَ: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلا.


[١] المنتظم ٥/ ١٢٣، ١٢٤، نهاية الأرب ٢٢/ ٣٦١، الوافي بالوفيات ٦/ ٤٣٠، تاريخ الخلفاء ٣٦٨.
[٢] تاريخ بغداد ٤/ ٤٠٤، المنتظم ٥/ ١٢٥، نهاية الأرب ٢٢/ ٣٧١، المختصر في أخبار البشر ٢/ ٥٩، البداية والنهاية ١١/ ٨٧، تاريخ الخلفاء ٣٦٩.
[٣] البداية والنهاية ١١/ ٨٧، تاريخ الخلفاء ٣٦٩.