للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمير المؤمنين أبو العَبَّاس ابن ولي العهد أبي أَحْمَد طلحة الموفق باللَّه ابن المتوكل على الله جَعْفَر بن المُعْتَضِد بن الرشيد الهاشمي العباسي.

ولد في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وأربعين ومائتين في دولة جده. وقدم دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب خُمَارَوَيْه الطولوني، فالتقوا على حمص، فهزمهم أبو العَبَّاس. ثُمَّ دخل دمشق ومر بباب البريد، فالتفت فوقف ينظر إلى الجامع، فَقَالَ: أي شيء هَذَا؟ قَالُوا: الجامع.

ثُمَّ نزل بظاهر دمشق بمحلة الراهب أيامًا، وسار فالتقى خُمَارَوَيْه عند الرملة.

واستخلف بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسعٍ وسبعين. وكان ملكًا شجاعًا مهيبًا، أسمر نحيفًا، معتدل الخلق، ظاهر الجبروت، وافر العقل، شديد الوطأة، من أفراد خلفاء بني العَبَّاس. كان يقوم على الأسد وحده لشجاعته.

قَالَ المسعودي [١] : كان المُعْتَضِد قليل الرحمة، قِيلَ إِنَّهُ كان إِذَا غضب على قائد أمر بأن يحفر له حفيرة ويُلقى فيها، ويُطم عليه.

قَالَ: وكان ذا سياسة عظيمة.

وعن عبد الله بن حمدون أن المُعْتَضِد تصيد فنزل إلى جانب مقثأة وأنا معه. فصاح الناطور، فَقَالَ: عَليّ به.

فأُحضر فسأله، فَقَالَ: ثلاثة غلمان نزلوا المقثأة فأخربوها. فجيء بهم فضربت أعناقهم في المقثأة من الغد. فكلمني بعد مدة وَقَالَ: أصدقني فيما ينكر عَليّ النَّاس.


[ () ] الزاهرة لابن تغري بردي ٣/ ١٢٦، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ٥٨٨- ٥٩٩، وشذرات الذهب ٢/ ١٩٩- ٢٠١، والانتصار لابن دقماق ٤/ ٦٧، ١٢١، والجليس الصالح للجريري ١/ ٤١٩- ٤٢١، والأذكياء لابن الجوزي ٤٠- ٤٥، وأخبار الحمقى والمغفّلين، له ١٧٦، ونصوص ضائعة من كتاب الوزراء والكتّاب ٨٨، وآثار البلاد للقزويني ٢٢٠ د ٣٨٦، ونهاية الأرب للنويري ٢٢/ ٣٤٦ وما بعدها، وبدائع الزهور ١/ ١٧١، ١٧٢، والمختصر في أخبار البشر ٢/ ٥٦- ٥٩، ومرآة الجنان ٢/ ١٩٢ وما بعدها، وأخبار مكة للأزرقي ١/ ٣٢١ و ٢/ ٨٩، ١٨١، ١١٤، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) ١/ ١٨٨، ٣٤٦، ٣٤٧، ٣٦٣، ٣٦٤، والأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١/ ٢٩٤، وأخبار الدول وآثار الأول ١٦٤، ١٦٥: وتاريخ ابن خلدون ٣/ ٣٤٦- ٣٥٤.
[١] في مروج الذهب ٤/ ٢٣٣ وعبارته مختلفة ومطوّلة هناك.