للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أعلم علم اليقين أن هذا الحديث لو بلغ عليًا وابن عباس رضي الله عنهما لأخذا به قطعًا، ولم يذهبا إلى رأيهما.

السبب الثاني:

أن يكون الحديث قد بلغ الرجل ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فاخذ بما يراه أقوى منه.

ونحن نضرب مثلاً أيضًا، ليس فيمن بعد الصحابة، ولكن في الصحابة أنفسهم.

فاطمة بنت قيس- رضي الله عنها- طلقها زوجها آخر ثلاث تطليقات، فأرسل إليها وكيله بشعير نفقة لها مدة العدة، ولكنها سخطت الشعير وأبت أن تأخذه، فارتفعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه "لا نفقة لها ولا سكنى" (١) ، وذلك لأنه أبانها، والمبانة ليس لها نفقة ولا سكنى على زوجها إلا أن تكون حاملاً لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (٢) .

عمر- رضي الله عنه- ناهيك به فضلاً وعلمًا- خفيت عليه هذه السنة، فرأى أن لها النفقة والسكنى، ورد حديث فاطمة باحتمال أنها قد نسيت فقال: أنترك قول ربنا لقول امرأة لا ندري أذكرت أم


(١) انظر: صحيح مسلم/كتاب الطلاق/باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، برقم (١٤٨٠) .
(٢) سورة الطلاق، الآية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>