الآحادِ لما كان حجةً؛ لأنَ قولَه:"الإيمانُ بضغ وسبعونَ جُزءاً أعْلاهُ قولُ: لا إلهَ إلا الله " نحنُ مُجْمعُونَ على خلافِ الظاهر، لأنَ الإيمانَ عندنا هو التصديقُ بالقلب، وأَنً جميعَ ما ذُكِرَ من القولِ والأفعالِ شواهدُ لو تجرًدت عن اعتقاَدٍ لكانت مُنْحَبِطَةً، وعندكم أنَّ الاعتقادَ إِنْ لم يكنْ ايماناً، وإِنَما هو بعضُ ايمانٍ، فإنهُ أعلى الشُعَبِ، فلم يبقَ إلا أنه ذكَرَ الخِلالَ المعدودةَ من الأفعالِ باسمِ الِإيمان، لأنها شواهدُ على الإيمانِ، كما سُمِّيَ النبى صلى الله عليه وسلم باسم ما بعثَ به: {ذِكْرًا (١٠) رَسُولًا يَتْلُو} [الطلاق:١٠ - ١١]، وسُمَّيَ عيسى:{قَوْلَ الْحَقِّ}[مريم: ٣٤]، وهذا وأمثالُه تجوُّزٌ واتساع في الكلامِ.
والذي يُوضِّحُ هذا: نقيضُ الإيمانِ، وهو الكفْرُ، فإِنَهُ الاعتقادُ، وجميعُ الأفعالِ من سجودٍ للصَّنمِ والصليب ولزوم السَّبتِ، أو الأحدِ، على ذلك دلائلٌ وشواهدٌ، وليست منَ الكُفر (١)، ولأنَ الكفرَ ما أعدم الاعتقادَ، فلمّا زالَ الإيمانُ عُلمَ أنّه ليس هو إلاّ التصديق.
وأمَّاقولُكم: إنً لنا عِباداتٍ تتجددُ، فلا بُدَّ لها من أسماءٍ؛ سِيَّما ونبينُا صلى الله عليه وسلم بُعثَ إلى الكافَةِ مَن في زمانِه، وكل عصرٍ بعده، إلى يومِ القيامةِ. فليس بلازمٍ؛ لأنه لم يتجددْ في الشرعِ شيء لم يكنْ له في اللغةِ اسم موضوع، وإلا فبَيِّنوا، ما الذي تجدد من المسميات، كعبادةٍ لم يكنْ لها اسمٌ، أو عقد لم يكنْ له اسمٌ؟ ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً.
قالوا: ولأنَّ منْ يُسلِّمُ لكم أن اسمَ الصلاةِ جرى على الأركانِ والأفعالِ، بل لم يَجُزْ عندنا إلا على الدعاءِ فقط، وما خَلَتْ مِن دعاءٍ،