للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُها: أن يستدلَّ بما لا يقولُ به، وذلك من ثلاثةِ أوجه:

منها: أنْ يستدل بحديث، وهو ممن لا يقبلُ مثلَ ذلك الحديث؛ كاستدلالِهم بخبرِ الواحدِ فيما يعم البلوى به، أو فيما خالفه القياسُ، وما أشبه ذلك مما لا يقولون فيه بخبرِ الواحدِ.

فالجوابُ: أن تقول: إن كنت أنا لا أقول به، إلا أنَك تقولُ به، وهو حجةٌ عندك، فيلزمُك العملُ به.

وهذا قد استمرَ عليه أكثرُ الفقهاءِ، وعندي أنَّه لا يحسنُ الاستدلالُ بمثلِ هذا؛ لأنً الدليلَ على المذهب المسؤولِ عنه، إنَما يكونُ بما يعتِقدُه المستدل دليلًا، فإذا استدلَّ بمَا يعتقده غيرُهُ دليلاً وهو يعتقده غيرَ دليلٍ لمْ يَكُن مُسْتَدِلًا، لكنَّ صورتَه صورةُ المستدلِ، ومعناهُ معنى الملتزمِ على مذهبِ غيرِه، والمفسدِ لمذهبِ غيره. وليس هذا من الاستدلالِ في شيء.

ومن نصرَ الأوّل قال: على هذا ليس يحسنُ بنا أن نستدل على نبوةِ نَبينا - صلى الله عليه وسلم -، بما نتلوُه من آي التوراةِ والِإنجيل المغَيرين المُبَدَّلَين، لكن نستدل به على أهل الكتاب اعتماداً على تصديقِهم، لما فيه من الأخبارِ التي يعتقدونهاَ أخباراً لله سبحانه، التي أوحاها إلى موسى وعيسى عليهما السلام.

والثاني: أن يستدلَّ منه بطريقٍ لا يقولُ به، مثل أن يستدلَّ بدليلِ الخطاب وهو لا يقولُ به، كاستدلالِهم في إبطالِ خيارِ المجلسِ، بما روي عنَ النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن بيعِ الطعام حتى يُقبضَ" (١) فدل


(١) أخرجه البخاري (٢١٣٥)، ومسلم (١٥٢٥) (٢٩)، وأبو داود (٣٤٩٧)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>