للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاستدلالِ الشافعي أو الحنبلي في ايجابِ القِصاص في الطرفِ بينَ الرجلِ والمرأةِ بقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] فيقول الحنفي: هذا راجعٌ إلى حكم التوارةِ؛ لأنه قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} ... وقوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}، وقد نُسختِ التوراةُ بالقرآنِ، وشريعةُ موسى بشرعِ محمدٍ صلى الله عليهما.

فيجيبُ الشافعي: بأنَّ شرعَ من قبلنا شرعٌ لنا نتمسكُ به، وندلُ على ذلك بأدلتنا في تلك المسألة -وسنذكرها في مسائلِ الخلافِ إن شاء الله- وعمدتُنا: أنَّ شريعةَ من قبلَنا (١) شرعٌ ثابتٌ بدلالةٍ مَرضيّةٍ، فلا نعدِلُ عنها، ولا نحكمُ برفعِ أحكامِها إلا بصريحِ نَسخ، فأمَّا بنفس شريعةٍ تَحتمل التقريرَ للكلَ، وتَحتمل نسخَ البعضِ وتَبْقِيةَ البعضِ، فلا وجهَ لإزالة الأحكامِ الثابتةِ بالاحتمالِ.

وسابعُها: التأويلُ، وهو ضربان:

تأويلُ الظاهرِ، مثلُ استدلالِ الشافعي والحنبلي في إيجاب الإيتاءِ في الكتابةِ (٢) بقولِه تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] فيقول الحنفي: إنَّما أرادَ به مالَ الزكاة، ويشهدُ لذلك إضافتُه إلى الله سبحانه، أو نحملهُ على الإيتاءِ من طريقِ الاستحبابِ بدليل نذكره.

والثاني: تخصيصُ العموم، كاستدلالِ الشافعي في قتلِ شيوخِ المشركين بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، فيقولُ الحنفي:


(١) في الأصل: "قبله".
(٢) هو أن يدفع السيد إلى عبده المكاتب جزءاً من مال الكتابة، أو يضع عنه جزءاً منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>