للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك: إِذا قالت زوجةُ رجلٍ: سَمِعْتُه يُطَلِّقُني ثلاثاً. وقال الزَّوجُ: لم اطَلِّقْها. أَمَرَهما الشرعُ بالفُرقةِ، ومَنَعَهما مِنَ الاجتماع، فقيل للمرأَةِ: اهرُبي، فأَنتِ مُحرَّمةٌ عليه. وقيل للرَّجلِ: اطْلُبْها، فهي زوجتك.

وكذلك الأَعْيانُ الواجبةُ في الكفاراتِ؛ يَختلِفُ الناسُ فيها باختلافِ أَحوالِهم؛ فهذا فَرْضُه العِتْقُ، وهذا فَرْضُه الإِطعامُ أَو الكسْوَةُ، وهذا فرضُه الصَّومُ.

وهذا في المُترتِّباتِ، وأَما المُخيَّراتُ؛ فقد جَعَلَ الله سبحانه اختيارَ كُلِّ إِنسانٍ مُفوّضاً إِليه فيما يُكَفِّرُ به من أَنواع التكفِيرِ.

فهذا اختلافٌ مأمورٌ به في الاعتقاداتِ والتعبُّداتِ من الأَفعالِ.

وكذلك تقويمُ المُقوِّمينَ إِذا اختلَفُوا في قيمةِ المُتلَفِ، لم يُؤْمَرُوا بالاتِّفاقِ، بل يُؤْمَرُ كُلُّ واحدٍ منهم بما يُؤَدِّيه اجتهادُه، ويُنهى عن موافقةِ مَنْ يخالِفُه.

فإِذا ثَبَتَ أَنَّ الأصولَ على هذا، فلا بُدَّ أَن يَكُونَ الذَّمّ للفُرْقةِ، والأَمرُ بالاجتماع والاتِّفاقِ، راجعاً إِلى تَرْكِ المُعاندةِ للحقِّ، والمخالفة للمُحِقِّينَ الدين اتبَعُوا الأَدلةَ، وهَجَرُوا الشّبُهاتِ، وكم طالبٍ للفُرقةِ، وهاجرٍ [للأَدلةِ] (١) بمجرد الأَنَفةِ من الاتِّباع لدليلٍ صارَ إِليهِ مَن (٢ يَتَعصَّبُ عليه، أَو لمُغالبةٍ ٢) ومطاولةٍ، أَو انفرادٍ بمذهبٍ ليُتَّبَعَ؛ فيَصِيرَ به صاحب قالةٍ، والناسُ على هذا إِلاَّ مَن عَصَمَ الله، وإِنَّما سَطرتُ هذه الطريقةَ، ليُجْتَنَبَ


(١) خرم في الأصل.
(٢ - ٢) خرمٌ في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>