للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا قال أصحاب الشَّافعي (١).

وقال أبو حنيفةَ وأبو يوسف، فيما حكاه أبو سفيان عنهما: لا تجوزُ الروايةُ بالإجازة ولا بالمناولةِ ولا بالمكاتبةِ، سواء قال: حدَّثني به إجازةً أو مكاتبةً أو مناولَةً، أو لم يقل ذلك (٢).

وحكى أبو سفيان عن أبي بكر الرازي أنَّه قال (٣): إنْ قال الراوي لرجلٍ: قد أجزتُ لك أَنْ ترويَ عني جميع ما في هذا الكتاب فاروِه عني، فإنْ كانا قد علما ما فيه، جازَ له أن يرويَه فيقول: حدَّثني فلانٌ، وأخبرني فلانٌ، كما أنَّ رجلاً لو كتب صكًّا، والشُّهودُ يرونه ثم قال لهم: اشهدوا عليَّ بجميع ما في هذا الصَّكِّ، جازَ لهم إقامةُ الشَّهادةِ عليه. بما في ذلك الكتاب، وأمَّا إذا لم يسمع الراوي ولا السَّامع. بما فيه، قال: فإنَّ الذي يجب على مذهبنا أنَّه (٤) لا يجوز أن يقول: أخبرني فلانٌ، كما قالوا في الصَّكِّ إذا أشهدَهُم، وهم لا يعلمون ما فيه، لم يصح الإشهادُ، فكذلك في الأخبارِ، فيصيرُ كأنَّه قال: ما يصحُّ عندَكَ مِنْ صَكٍّ فيهِ إقراري، فاشهدْ عليَّ فيه وبه.


(١) انظر "المستصفى" ١/ ١٦٥، و"الإحكام" للآمدي ٢/ ١٤٢.
(٢) بل الصحيح في مذهب أبي حنيفة أنه إن علم المجيز ما في الكتاب جازت الإجازة والرواية. بمقتضاها، وإن لم يعلم ما في الكتاب لم تجز الإجازة، لأن في هذا صيانة الكتاب والسنة. انظر "فواتح الرحموت" ٢/ ١٦٥، و"تيسير التحرير" ٣/ ٤٣.
أما منع الرواية بالإجازة فقد ورد عن أبى طاهر الدباس من الحنفية، وروي عنه أنه قال: مَنْ قال لغيره: أجزت لك أن تروي عني، فكأنه قال: أجزت لك أن تكذب علىَّ.
(٣) ١ نظر "الفصول" ٣/ ١٩٢، و"العدة" ٣/ ٩٨٤.
(٤) في الأصل: "فإنَّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>