للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ هذا منفِّراً عن نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، وتُهْمةً (١) [له]، بأنَّه مؤثر ومغتنم، وطالب الحظوظ من الدنيا، ومغلوب شهواتِه وطباعِه، هذا كُلُّه تنفيرٌ، وما صَدَفَ البارىء عنه، فَبَطَلَ ما تعلقوا به.

ومن ذلك: إبدالُ الآيةِ بالآية، ونسخُ التعبدِ بعد شرعهِ (٢)، والصرفُ من قِبلةٍ إلى قبلةٍ، فإنَّه قد جرَّ ذلكَ قولهم: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: ١٤٢]، وقال سبحانَه: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} [النحل: ١٠١]، وكانَ يجبُ أن لا يَجْعَلَ في الكتابِ آياتٍ متشابهات، يعطي ظاهرُها التَّشْبيهَ والانفعالَ، وتَغيُّرَ الحالِ عليه، والعلمَ بَعْدَ أن لم يَعلَمْ، ومعلومٌ ما في الكتابِ من هذا القبيلِ، مثل ذكر الغضبِ والرحمةِ، والرِّضا والكراهة، واليدين، والروح، والعينِ والوجهِ والمجيءِ والإتيانِ، والمحبةِ، والمكرِ، وهذه كلهاَ في الحقائقِ أعضاءٌ وإدراكاتٌ وانفعالاتٌ، فإنَّ الرحمةَ: رِقَّةٌ توجبُ ألمَ القلبِ بوقوع المرحوم في المكروه (٣). والغضبَ: غليانُ دم القلبِ، واشتطاط حرارتهِ طلباً للانتقامِ، والكراهةَ: غَليَانُه لما يُتَحذَّر أو يُتَقَذَّر أو تأباه الأمزجة والطباع، والمكرَ: إبطان (٤) السوء مع إظهارِ ضدِّه، والإتيانَ [و] المجيء في قولِه (٥): {وجاءَ ربُّكَ} [الفجر: ٢٢]، {أَو يَأْتِي رَبُّكَ} [الأنعام:١٥٨]: هو الانتقالُ والخروجُ من مكانٍ إلى مثلِه،


(١) في الأصل: "وتهمته".
(٢) في الأصل: "شروعه".
(٣) في الأصل: "المكروه في المرحوم".
(٤) في الأصل: "انتطان".
(٥) في الأصل: "بقوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>