للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة.

ومنها: أنَّ ذلك قد وقعَ، بدليل ما بيَّناَ من الآي، [مثلُ] قوله: {إنكم وما تعبدون} [الأنبياء:٩٨]، وأنَّه أمر بني إسرائيلَ بذبح بقرةٍ، وبيَّن بعد ذلك (١)، وأخبرَ بعذاب قوم لوط، وبَيَّنَ نجاةَ لوطٍ وأهلِه، وإلى أمثال ذلك من الآي الواردة في الأخبار، وأخَّرَ بيانَ ما أريدَ بها بعد الخطابِ، تأخيراً للبيانِ عن وقتِ الخطابِ.

ومنها: أن الخبرَ يتضمنُ وجوبَ الاعتقادِ، وهو عملُ القلب، والتصديق لمُخْبَرِه (٢)، وهو عملُ القلبِ، فنقول: إذا ثبتَ جوازُ تأخيرِ البيانِ في أعمالِ الأركانِ، وهي التي وجبتْ بالأوامرِ والنَّواهي، كذلك جازَ تأخيرُ البيانِ، فيما أوجبَ أعمالَ القلوبِ من التصديق والاعتقادِ، ولا يجدونَ لذلك فرقاً يعطي تخصيصَ جوازِ ذلك في الأوامرِ والنواهي دون الأخبار.

ومنها: البناءُ على أصلِنا، وهو تجويزُ النسخِ قبلَ وقتِ الفعل المأمورِ به، وأنَّه أرادَ بقولِه: صلوا إذا زالتِ الشمس: إنْ مَكَّنتكم من هذا الأمر، ولم أنسخْهُ، كذلك قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}: إن تركتكم وهذا العموم، ولم أخصه، وليس في هذا إحالةٌ من جهةِ العقلِ، ولا استبعادٌ (٣) من جهةِ الشرع، مِنْ حيثُ كان لهُ إطلاقُ الأمر المقتضي للدوام قبل (٤) ورودِ النسخِ الكاشفِ، غير أنه أرادَ التأقيتَ لا التأبيدَ.


(١) تقدم في الصفحة ٩١.
(٢) في الأصل: "لخبره".
(٣) في الأصل: "استعباد".
(٤) في الأصل: "بين".

<<  <  ج: ص:  >  >>