للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلكَ: أنَّه سمى المعرضينَ (١) عن الحقِّ وداعيتِه: أنعاماً، وشبَّههم بالكلابِ، قال فيهم: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [الأعراف: ١٧٦] وقوله: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥]، وقال {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ} [البقرة: ٧٤].

وأمَّا قولُهم: كان يجبُ أن يُشتَقَّ له اسمُ: متجوِّز، فلا (٢) يصحُّ، لأنَّه لا يسمَّى من الأسماءِ إلا بما سمَّى به نفسَه، ألا ترى [أنه] (٣) يتكلَّمُ بالحقيقةِ، ولا يُشتَّقُ له اسمُ: محقِّق، وفاعلٌ للحَبلِ في النِّساءِ، ولا يقال: محبِّل، وفيه معنى العقلِ من الحكمةِ، ولا يقال: عاقلٌ، ويسمَّى: حكيماً، لأنه سمَّى نفسَه حكيماً، وكريماً (٤)، والكرمُ هو السخاء، ويقال: كريمٌ، ولا يقال: سخيٌّ.

على أنَّ القولَ بالتجوَّز يُوهِمُ الحذفَ، هذا هو الغالبُ من لغتِهم، ولا (٥) يقالُ: متجوِّز إلا لمن جوَّز في لفظه، والبارىء لا يُسمَّى باسمٍ موهمٍ للذَمِّ، تعالى عن ذلك (٦).

وأمَّا قولُهم: لو كانَ في كلامِه ما ليس بحقيقةٍ، لكانَ في كلامِه ما ليس بحقً، فليسَ بصحيح، لأنَّ الحقَّ ضدُّ الباطلِ، فإذا قيل: ليسَ


(١) في الأصل: "المعترضين".
(٢) في الأصل: "لا".
(٣) ليست في الأصل.
(٤) في الأصل: "وكريم".
(٥) في أنصل: "لا".
(٦) انظر "شرح اللمع" ١/ ١٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>