للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرجِّحة لأحدِ محتملاتها، كذلكَ هذه الصيَّغُ. وأكثرُ من هذا المتشابهُ الذي أوهمَ التشبيهَ، وبعضُه الاختلافَ والمناقضَة، وأحالَ سبحانه في ذلكَ على عِلمِ المتأوَّلين أو تسليمِ المُحكِمين (١).

وأمَّا ما يَسمعه جبريلُ من الوحي، فإنَّ اللهَ سبحانَه يضعُ في نفسِه (٢) ما يعملُ عملَ القرائنِ في حقنا ودلائلِ الأحوالِ.

فالمعتمِدُ على مثلِ هذهِ الطرقِ سريعُ الانقطاعِ؛ لأنَه كالمعوِّلِ في دليلِه على استعظامِ خَصْمِه طريقاً يوضِّحه ليحصلَ فهمُ العمومِ والشمولِ، فإذا أوضَح طريقاً صالحاً لتفهيمهِ ذلكَ، انقطعَ الكلامُ وصارَ كقائلٍ يقولُ لغيرِه: من أينَ علمتَ كذا؟ فإذا قالَ له: من طريقِ كذا. وذكرَ جهةً صالحةً لحصولِ العلمِ، سقَطَ الكلامُ.

فينبغي للعاقلِ أن يتوقّى مثلَ هذه الطرقِ، فإنَ مصرعها وَخيم، وانقطاعَ المعتمدِ عليها سريعٌ.

وكما ينبغي للمصنف أن يُرشدَ إلى الأدلةِ النافعةِ، ينبغي أن يُحذرَ من هذه الطرقِ المضرَّة، ليقعَ بتصنيفه تمامُ النَفع إن شاءَ الله.


(١) يعني قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧]
(٢) أي: في نفس النبي فى - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>