للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجهل، ولو كانَ الأمرُ بالشيء نهياً عن ضدّه، لكانَ العلمُ بالشيءِ جهلاً لضدَه، فلما لم يكن العلم بالشيءِ جهلًا لضده، كذلكَ لا يكونُ الأمرُ بالشيءِ نهياً عن ضده.

ومن ذلك قولُهم: لو كان الأمرُ بالشيء نهياً عن ضده، لكان النهي عنه أمراً بضده، ولما لم يكن النهيُ عن الشيء أمراً بضده، كذلك لا يكون الأمرُ به نهياً عن ضده.

ومن ذلك: ما اعتمدَ عليه المتكلمون منهم، فقالوا: إنَ النهيَ إنما يتناولُ الممكنَ، فأمَّا ما يُضطر الِإنسانُ إليه، فلا يؤمرُ به ولا يُنهى عنه، والأعلى إذا قال للأدنى: قُم، أو قال له: تكلمْ. كان مستدعياً منه القيامَ والكلامَ الذي لا يمكن معه القعودُ والصمتُ، فصار عدمُ وقوعِ القعودِ منه والسكوتِ منفيين ضرورةً بوجودِ ضدّهما، فالضدُّ ينفي ضده، فلا يبقى للنهي عن الضدِّ مساغ، مع كونه ينتفي بحصولِ الضدّ.

وتفصيح هذا وإخراجُه إلى النطقِ به يكشفُ عن صحته أن هذا المستدعي لقيامه لو قال له: قم، ولا تكن حالَ قيامِك جالساً، وانطق، ولا تكن حال نطقك ساكتاً، لعُدَ لاغياً عابثاً، وما كانَ ذلك لغواً إلا لما ذكرنا من أن قيامه ينفي قعوده، وكلامَه ينفي صماتَه، فلا يبقى ما يقع عليه النهي، ولا يدخلُ تحتَ إمكانِ المأمورِ بالضدَّ فعلُ الضدِّ فنهيَ عنه.

ومن ذلكَ: ما تعلّق به أهلُ الكلامِ منهم: لو كانَ الأمرُ بالشيء نهياً عن ضدّه، لكانَ له متعلّقان، أحدُهما مأمورٌ به، والآخر منهيٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>