للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلو من أن يكونَ بلوى أو عقوبةً، لأنَّه في الأصلِ أثرُ الكفرِ، وايجابُ الحدودِ والقصاصِ لا يمنعُ من دخولِ من لزمَه ذلك في مطلقِ أوامرِ الله سبحانَه، وان كانت بلوى كانت بمثابةِ الأمراضِ والفقرِ وغيرِ ذلك، وهي غيرُ مانعةٍ من دخولِ الممتَحنِ في عمومِ الخطابِ، وكما لم يمنع كلًّ ذلك اتجاهَ خاصِّ الخطابِ نحوهم.

وأمَّا خروجُهم من بعضِ الأوامرِ كالجمعةِ والجهابِ فما دخلوا فيه من أوامرِ الشرع أكثر، كالصلواتِ والصيام والكفاراتِ والحدودِ، فإنْ تعلقتم بما خرجوا منه، تعلقَ عليكم بمادَخلوا فيه.

على أن الذي خرجوا منه خرجوا بأدلةٍ أوجبت إخراجَهم، وما دخلوا فيه فمطلقُ الأمرِ والخطاب.

ولأنَّ الفقراءَ والزمنى والمرضى والمسافرين أخرجهم العجزُ عن كثيرٍ من العبادات أصلًا تارةً ومقداراً أخرى، ثم دخلوا في مطلق الأمر حيث كان خروجُهم عما خرجوا عنه بعجْزٍ وعذرٍ قامت بإخراجهم لأجله أدلَّة، فكذلك هؤلاء، وأما تملّكُ سيدِه منَعَه من النوافلِ، لا يمنعُ دخولَه في مطلقِ أمرِ الله له بالفرائضِ، كما أنه يمنعُه من سائر النوافل، ولا يمنعُه ذلكَ دخولَه في الأمرِ الخاصّ له بالفرائض، فهو في باب الأوامر الخاصة والفرائض الناجزة كالحر، ولهذا صححنا فرائضه عن حال إباقه ولم تخرجوها في حقَه عن كونِها قربةً، ولم نصحَّح نحن منه النوافلَ رأساً، وأنتم أخرجتموها عن كونها قربة، ما ذلكَ إلا لأنَّه فى الفرائضِ كالحرِّ، وفارقَ بهذا ما أشاروا إليه من أوامرِ الأجانب لأنهم لا مُلكَ لهم ولا حق، والله سبحانه مالكٌ لكلِّ المالكين، فلاَ يمنعُ من ألجاه أمرُه حق أضعفِ المالكين، ومن ملكه أضعف

<<  <  ج: ص:  >  >>