[الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْإِبْرَارُ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ]
الْإِبْرَارُ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ]
الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مَسَائِلِهِ: سَأَلْت أَبِي عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُجَامِعْك الْيَوْمَ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ اغْتَسَلْتُ مِنْكِ الْيَوْمَ، فَقَالَ: يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يُجَامِعُهَا، فَإِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ اغْتَسَلَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " اغْتَسَلْت " الْمُجَامَعَةَ.
وَنَظِيرُ هَذَا أَيْضًا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَطَأَكِ فِي رَمَضَانَ، فَسَافَرَ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ وَطِئَهَا، فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي؛ لِأَنَّهَا حِيلَةٌ، وَلَا يُعْجِبُنِي الْحِيلَةُ فِي هَذَا، وَلَا فِي غَيْرِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ الَّذِي يُبِيحُ الْفِطْرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَفَرًا مَقْصُودًا مُبَاحًا، وَهَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُ حِلِّ الْيَمِينِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَيُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ سَفَرٌ بَعِيدٌ مُبَاحٌ؛ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ، وَإِرَادَةِ حِلِّ يَمِينِهِ مِنْ الْمَقَاصِدِ الصَّحِيحَةِ.
وَقَدْ أَبَحْنَا لِمَنْ لَهُ طَرِيقَانِ قَصِيرَةٌ لَا يَقْصِرُ فِيهَا وَبَعِيدَةٌ أَنْ يَسْلُكَ الْبَعِيدَةَ؛ لِيُقْصِرَ فِيهَا الصَّلَاةَ وَيُفْطِرَ، مَعَ أَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُ سِوَى التَّرَخُّصِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُ اخْتِيَارَ الشَّيْخِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ أَنْبَأَ الْأَزْهَرِيُّ أَنْبَأَ سُهَيْلُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَثُ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - ثنا أُبَيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي رَجُلٍ حَلَفَ فَقَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَطَأْهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَهَارًا، قَالَ: يُسَافِرُ ثُمَّ يُجَامِعُهَا نَهَارًا.
[الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْمَخَارِجُ مِنْ التَّحْلِيلِ فِي الطَّلَاقِ]
[الْمَخَارِجُ مِنْ التَّحْلِيلِ فِي الطَّلَاقِ]
الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: فِي الْمَخَارِجِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي التَّحْلِيلِ الَّذِي لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ فَاعِلَهُ وَالْمُطَلِّقَ الْمُحَلَّلَ لَهُ، فَأَيُّ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِ الْمُسْلِمِينَ خَرَجَ بِهِ مِنْ لَعْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَعْذَرَ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ارْتِكَابِهِ لِمَا يُلْعَنُ عَلَيْهِ، وَمَبَاءَتِهِ بِاللَّعْنَةِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَخَارِجَ الَّتِي نَذْكُرُهَا دَائِرَةٌ بَيْنَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ أَفْتَى بِهِ الصَّحَابَةُ، بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ عَنْهُمْ فِيهِ خِلَافٌ، أَوْ أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ أَقْوَالِهِمْ، أَوْ هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ أَوْ إمَامٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ أَتْبَاعِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، وَلَا تَخْرُجُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الَّتِي نَذْكُرُهَا عَنْ