للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ عَادَةٌ تُوَافِقُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَنَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً إلَى أَنْ يَلْحَقَ بِالْفَرْضِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ حَرَّمَ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ تَمْيِيزًا لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى الزِّيَادَةِ فِي الْوَاجِبِ كَمَا فَعَلَتْ النَّصَارَى، ثُمَّ أَكَّدَ هَذَا الْغَرَضَ بِاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ نُدِبَ إلَى تَمْيِيزِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَنْ نَفْلِهَا؛ فَكُرِهَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَطَوَّعَ فِي مَكَانِهِ، وَأَنْ يَسْتَدِيمَ جُلُوسَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، كُلُّ هَذَا سَدًّا لِلْبَابِ الْمُفْضِي إلَى أَنْ يُزَادَ فِي الْفَرْضِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.

الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ الصَّلَاةَ إلَى مَا قَدْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَحَبَّ لِمَنْ صَلَّى إلَى عُودٍ أَوْ عَمُودٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ، وَلَا يَصْمُدُ إلَيْهِ صَمْدًا، قَطْعًا لِذَرِيعَةِ التَّشَبُّهِ بِالسُّجُودِ إلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ شَرَعَ الشُّفْعَةَ وَسَلَّطَ الشَّرِيكَ عَلَى انْتِزَاعِ الشِّقْصِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالشَّرِكَةِ وَالْقِسْمَةِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ الْحَاكِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ رَفْعِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَعَنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ دُونَهُ، وَعَنْ مُشَاوَرَتِهِ وَالْقِيَامِ لَهُ دُونَ خَصْمِهِ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى انْكِسَارِ قَلْبِ الْآخَرِ وَضَعْفِهِ عَنْ الْقِيَامِ بِحُجَّتِهِ وَثِقَلِ لِسَانِهِ بِهَا.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْحُكْمِ بِعِلْمِهِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى حُكْمِهِ بِالْبَاطِلِ وَيَقُولُ: حَكَمْت بِعِلْمِي.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَنَعَتْ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى بُلُوغِ غَرَضِهِ مِنْ عَدُوِّهِ بِالشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ رَسُولَهُ حَيْثُ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ الْجَهْرِ بِالْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَسْمَعُونَهُ فَيَسُبُّونَ الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ وَمَنْ أَنْزَلَ عَلَيْهِ.

الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْحُدُودَ عَلَى مُرْتَكِبِي الْجَرَائِمِ الَّتِي تَتَقَاضَاهَا الطِّبَاعُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا وَازِعٌ طَبْعِيٌّ، وَالْحُدُودُ عُقُوبَاتٌ لِأَرْبَابِ الْجَرَائِمِ فِي الدُّنْيَا كَمَا جُعِلَتْ عُقُوبَتُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ إذَا لَمْ يَتُوبُوا، ثُمَّ إنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ؛ فَمَنْ لَقِيَهُ تَائِبًا تَوْبَةً نَصُوحًا لَمْ يُعَذِّبْهُ مِمَّا تَابَ مِنْهُ، وَهَكَذَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا إذَا تَابَ تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ رَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ لَمْ تُسْقِطْ تَوْبَتُهُ عَنْهُ الْحَدَّ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى تَعْطِيلِ حُدُودِ اللَّهِ؛ إذْ لَا يَعْجِزُ كُلُّ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>