للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ الْخَلْوَةَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَلَوْ فِي إقْرَاءِ الْقُرْآنِ، وَالسَّفَرَ بِهَا وَلَوْ فِي الْحَجِّ وَزِيَارَةِ الْوَالِدَيْنِ، سَدًّا لِذَرِيعَةِ مَا يُحَاذِرُ مِنْ الْفِتْنَةِ وَغَلَبَاتِ الطِّبَاعِ.

الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَضِّ الْبَصَرِ - وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَحَاسِنِ الْخِلْقَةِ وَالتَّفَكُّرِ فِي صُنْعِ اللَّهِ - سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْإِرَادَةِ وَالشَّهْوَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْمَحْظُورِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ، وَلَعَنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ تَجْصِيص الْقُبُورِ، وَتَشْرِيفِهَا، وَاِتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ، وَعَنْ الصَّلَاةِ إلَيْهَا وَعِنْدَهَا، وَعَنْ إيقَادِ الْمَصَابِيحِ عَلَيْهَا، وَأَمَرَ بِتَسْوِيَتِهَا، وَنَهَى عَنْ اتِّخَاذِهَا عِيدًا، وَعَنْ شَدِّ الرِّحَالِ إلَيْهَا، لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى اتِّخَاذِهَا أَوْثَانًا وَالْإِشْرَاكِ بِهَا، وَحَرَّمَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَصَدَهُ وَمَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ قَصَدَ خِلَافَهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ أَنَّهُمَا وَقْتُ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ لِلشَّمْسِ، وَكَانَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ لِلَّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمُشَابَهَةِ الظَّاهِرَةِ، الَّتِي هِيَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْمُشَابَهَةِ فِي الْقَصْدِ مَعَ بُعْدِ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ، فَكَيْفَ بِالذَّرَائِعِ الْقَرِيبَةِ؟

الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ: «إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ» وَقَوْلِهِ: «إنَّ الْيَهُودَ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ فَخَالِفُوهُمْ» وَقَوْلِهِ فِي عَاشُورَاءَ: «خَالِفُوا الْيَهُودَ صُومُوا يَوْمًا قَبْلَهُ وَيَوْمًا بَعْدَهُ» وَقَوْلِهِ: «لَا تَشَبَّهُوا بِالْأَعَاجِمِ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا» وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْهَدْيِ الظَّاهِرِ ذَرِيعَةٌ إلَى الْمُوَافَقَةِ فِي الْقَصْدِ وَالْعَمَلِ.

الْوَجْهُ السَّادِسَ عَشَرَ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وَقَالَ: «إنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ» حَتَّى لَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْقَطِيعَةِ الْمُحَرَّمَةِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّهُ حَرَّمَ نِكَاحَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْجَوْرِ، وَقِيلَ: الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى أَكْلِ الْحَرَامِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ مِنْ بَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>