يكون، وإن كان الله تعالى يأتي به إذا شاء لولا ذلك ما عرفوا وقت حرث ولا بذر ولا ركوب بحر ولا بر، ولا انتظر حين لمجيء شيء ولا لانصراف شيء، ولكانوا ومن يعاملهم كذلك في أجهل الجهل فمما هو ظاهر في زوال المكروه عنه قولهم: إذا طلعت الشّعرى سفرا ولم يروا مطرا فلا تعدون أمره ولا أمرا، لأنّهم وجدوا ذلك مستمرا في العادة ومنه قول الشّاعر شعرا:
إذا ما قارن القمر الثّريا ... لخامسة فقد ذهب الشّتاء
لأنّ مقارنة الثّريا في الليلة الخامسة من مهلّه لا يكون أبدا إلّا في قبل الدجفاء وكقول الآخر شعرا:
إذا كبد النّجم السّماء بشقوة ... على حين هرّ «١» الكلب والثّلج خاسف
لأنه موافاته كبد السّماء في أوّل اللّيل يكون في صبارة الشّتاء ومما يكون على العكس من هذا في موافقة المكروه قول الآخر شعرا:
هنأناهم حتّى أعان عليهم ... عوافي السّماك ذي السّجال السّواجم
قال أبو حنيفة الدينوري: هذا الشّعر لجاهلي واتبع أثره بعض الإسلاميين فقال:
هنأناهم حتّى أعان عليهم ... من الدّلو أوعو السّماك سجالها
قال وهنوء القوم أن يكفّهم مؤنة وقد يجيء من كلامهم ما يغمض، فيرد بالتّأويل إلى كل واحد من النّاس، وللقائلين بالأحكام في النّجوم مضاهاة للقوم في إثباتهم السّعد والنحس بمقتضيات الكواكب إلا من عصمه الله تعالى ولله الأمر والحكم يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد لا رادّ لأمره، ولا مناص من قضائه.
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم: «من تعلّم بابا من النّجوم تعلّم بابا من السّحر ومن زاد استزاد» .
كما روي عنه صلى الله عليه وسلم في بعض خطبه أنه قال: «ما بال أقوام يقولون إنّ كسوف هذه الشّمس، وخسوف هذا القمر وزوال هذه النّجوم عن مطالعها لموت رجال قد كذبوا» . الزّوال، والزّولان بمعنى وهذا يمكن حمله على قوله: إنّ من البيان لسحرا، فيكون الكلام مدحا لهذا العلم، وللمشتغلين به إذا تبرءوا من الحول والقوة ومما يدخلهم في الإشراك بالله والتّسليم إلى الكواكب.
وقال ابن عباس لعكرمة مولاه اخرج فانظر كم مضى من اللّيل؟ فقال: إني لا أبصر النّجوم فقال له ابن عبّاس: نحن نتحدى بك فتيان العرب وأنت لا تعرف النّجوم، وقال: