للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الأول: مكانةُ ابن القَيِّم في نقدِ الرِّجَال

لقد خاضَ ابن القَيِّم - رحمه الله - غمار هذا الفن بعد أن استقرت قواعده، وَدُوِّنَت أقوال الجهابذة النقاد في الرجال جرحاً وتعديلاً، فلم يبق أمام من جاء بعد: إلا النظر في أقوال المتقدمين، والاعتماد عليها في الحكم على الرواة.

وبذلك بقيت جهود المتأخرين - ممن صَنَّفَ في الرجال - محصورة في: تهذيب هذه المؤلفات السابقة واختصارها، أو الجمع بينها، ونحو ذلك من فنون التصنيف وأغراضه المختلفة.

ولكن ذلك لا يمنع من القول: بأنه قد بَرَزَتْ - أيضاً - جهود لبعض الجهابذة النقاد، الذين كان لهم أثرٌ واضحٌ في تحرير وتنقيح الكثير من قواعد هذا الفن، ووضع كل راو في مرتبته اللائقة به، والترجيح بين الأقوال المختلفة في الراوي، إلى غير ذلك من الجهود الموفقة في هذا الباب. وكان على رأس هؤلاء الأئمة: الحافظ الذهبي، والحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى.

وعلى الرغم من قيام هذه المحاولات العديدة في زمن ابن القَيِّم رحمه الله، إلا أنه لم يضع كتاباً في الرجال، وإنما جاءت أقواله وإفاداته منثورة في أثناء كتبه، عند كلامه على الأحاديث.

ولكن عدم وجود مُصَنَّفٍ لابن القَيِّم في هذا الباب لا يَنْفِي أن له فيه مشاركة فعالة، فقد كانت له شخصيته الواضحة المتميزة، وإسهاماته

<<  <  ج: ص:  >  >>