للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهَه، فلا ترو عنه، فلعله شيطان قد تَصَوَّرَ في صورته يقول: حدثنا، وأخبرنا"١.

وردَّ الأئمة هذا القول منه رحمه الله، فقال النووي: "وهو خلاف الصواب وقول الجمهور"٢. وقال ابن كثير: "وهذا عجيب وغريب جداً"٣.

وقد بين ابن القَيِّم - رحمه الله - أن عدم رؤية الراوي المحدث لا يقدح في سماعه منه، وأن عدم الرؤية لا ينافي السماع.

فقد كَذَّبَ هشام بن عروة محمد بن إسحاق في قوله: إنه حَدَّث عن زوجته فاطمة بنت المنذر، واعتمد في ذلك على أنه لم يرها أحد من الرجال منذ تزوجها، فقال ابن القَيِّم رحمه الله: " ... إن هشاماً إنما نفى الرؤية، ولم ينف سماعه منها، ومعلوم أنه لا يلزم من انتفاء الرؤية انتفاء السماع.

قال الإمام أحمد: لَعَلَّه سمع منها في المسجد، أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب، فأي شيء في هذا؟! فقد كانت امرأة كبرت وأَسَنَّت"٤.

فابن القَيِّم - رحمه الله - يؤكد أنه لا تلازم بين السماع والرؤية، بل قد يحصل سماع لفظ الْمُحَدِّث دون رؤيته، ومع ذلك يكون سماعه صحيحاً معتبراً، والله أعلم.


١ شرح ألفية العراقي - له: (٢/٥٨) .
٢ التقريب: (ص١٧) .
٣ اختصار علوم الحديث: (ص١١٨) .
٤ تهذيب السنن: (٧/٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>