للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتلخص من ذلك: أن ما اختاره ابن القَيِّم - رحمه الله - في إثبات حكم الرفع لما هذه صفته، هو الصواب الذي عليه الجمهور، وأن ما تَمَسَّك به المخالفون من شبه ضعيف لا يُقَاوِمُ رأي الجمهور، والله أعلم.

المسألة الثالثة: في حكم ما يقوله الصحابي مما لا مجال فيه للرأي والاجتهاد.

إذا قال الصحابي قولاً مما لا مجال فيه للرأي والاجتهاد، فهل يثبت لذلك حكم الرفع؟

قَرَّر ابن القَيِّم - رحمه الله - أن ذلك له حكم الرفع؛ فإنه قال في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في امتحان أهل الفترة، والمعتوه ونحوهما١ - وقد رُوِيَ عنه مرفوعاً وموقوفاً - قال: "غاية ما يُقَدَّرُ فيه: أنه موقوف على الصحابي، ومثل هذا لا يُقْدِمُ عليه الصحابي بالرأي والاجتهاد، بل يُجْزَمُ بأن ذلك توقيف لا عن رأي"٢.

وقرر ذلك أيضاً: الحافظ ابن حجر رحمه الله، وذهب إلى أنه من باب المرفوع حكماً لا تصريحاً، ولكن قَيَّدَهُ بمن لم يُعرف بالأخذ عن الإسرائيليات والكتب القديمة، فإذا قال الصحابي ما "لا مجال للاجتهاد فيه، ولا له تعلق ببيان لغة أو شرح غريب، كالإخبار عن الأمور الماضية: من بدء الخلق، وأخبار الأنبياء. أو الآتية: كالملاحم والفتن، وأحوال يوم


١ انظر: أحكام أهل الذمة: (٢/٦٥٠ - ٦٥١) .
٢ أحكام أهل الذمة: (٢/٦٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>