- لابن القَيِّم - رحمه الله - في نقد رواة الأحاديث، والكلام على الرجال جرحاً وتعديلاً منهج مميزٌ، مع معرفة تامة بأقوال أئمة الشأن في الرواة: عالماً بمراميها، مُرَجِّحَاً بين مختلفها، موفقاً بين ما ظاهره التعارض منها.
- ومع كل ذلك: نرى اجتهاد ابن القَيِّم - رحمه الله - في إصدار أحكامٍ جامعةٍ على كثير من الرواة، وبيان مرتبتهم ومنزلتهم من القبول أو الردِّ؛ بما يدلُّ على شخصية مستقلة، وقدمٍ راسخةٍ، وإمامةٍ وتقدُّم في هذا الفن.
وحسبه في هذا الباب شرفاً أن يعتمد على أقواله في الرجال مثل الحافظ ابن حجر، كما تقدَّمَ نقل أمثلة لذلك عند الكلام على "أهمية أقوال ابن القَيِّم في الجرح والتعديل"، بل لعل قوله - رحمه الله - في العلاء ابن إسماعيل:(مجهول) ، يُعَدُّ المصدر الوحيد - فيما أعلم - للحكم على هذا الرجل.
- ظهرت ثمرة تمكن ابن القَيِّم من قواعد علوم الحديث في تطبيقه لتلك القواعد واستفادته منها في الحكم على المرويات ونقدها، بعد بذل الجهد في تخريجها وجمع طرقها.
وبذلك تبرز قيمة هذه القواعد وفائدتها في تحقيق الهدف الأسمى والمطلوب الأعلى، وهو: تمييز صحيح الأخبار من سقيمها، ومعلولها من سليمها.