- وأما كونه لم ير ابن القَيِّم في شيء من كتبه المطبوعة يذكر الذهبي وينقل عنه: فقد تقدم نقل نصين من كتابين مختلفين، ينقل فيهما ابن القَيِّم عن الذهبي.
- فإذا ثبت لدينا عدم انتهاض ما استدل به الشيخ بكر - سلمه الله - على نفي كون الذهبي شيخاً لابن القَيِّم، فإن الواقع والقرائن يؤيدان الحكم بإثبات هذه المشيخة، ويؤكد هذا أمور:
أولاً: ذلك النص من ابن القَيِّم في رسالته في الأحاديث الموضوعة، والذي يقول فيه:"سمعت شيخنا"؛ فإنه صريح لا يحتمل تأويلاً، إلا أن يقال: هذا الكتاب لا تصح نسبته لابن القَيِّم، فالكلام ليس كلامه؟ ولا سبيل إلى القول بذلك؛ فإن الكتاب صحيح النسبة لابن القَيِّم بأدلة قوية، كما سيأتي.
وأما ما جاء في النصين الآخرين من نقله عن الذهبي دون تصريح بأنه شيخه: فإنه لا يلزم منه نفي كونه شيخه؛ إذ لا مانع من أن ينقل الإنسان عن شيخه دون وصفه بذلك، بل إن ذلك كثير في كلام الأئمة.
ثانياً: أن وجود ابن القَيِّم مع الذهبي في بلد واحد - وهو دمشق– ومعاصرة كل منهما للآخر، مع شهرة الذهبي وإمامته، وطول باعه في العلم، وحرص ابن القَيِّم على التحصيل على كبار الأئمة، كل ذلك يجعل القول بتتلمذ ابن القَيِّم على الذهبي غير بعيد، بل عدم سماعه منه وأخذه عنه هو البعيد الغريب.