فاحرصوا على الأعمال الصالحات التي تكون سببًا في نجاتكم يوم القيامة.
وإذا عَمِلْتَ أيها المسلم عملًا صالحًا، فَأَخْلِصِ العملَ فيه لله، وليَكُنْ وَفْقَ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فإن العمل لا يقبله الله -جل وعلا- إلا أن يكون خالصًا صوابًا.
فإذا وفَّقك الله -عز وجل- إليه، فاحرص على المحافظة عليه، وابتعد عن الغيبة وعن النميمة وعن ظلم العباد، وكل ما هو سببٌ لِفَقْدِ الحسنات.
واحرصوا رحمكم الله على الأخلاق الحسنة؛ والمعاملة الطيبة والكلمة الطيبة، فإنَّها أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة.
وهي أمور يستطيع كلُّ إنسان أن يحرص عليها ويستطيع كلُّ إنسان أن يتخلَّق بها،
ولا ينبغي للإنسان أن يقول: أنا تطبَّعت على هذا ولا أستطيع أن أغيِّرَ من أخلاقي ومن طبعي!، كلَّا، فالقرآن يُهذِّب الأخلاق، وقد كان الواحد من الصحابة -رضي الله عنهم- إذا أسلم خَلَعَ لباس الجاهلية على عتبة باب الإسلام، وتخلَّق بأخلاق هذا الدين، فيلبس لباس التقوى، ويرتدي رداء الإيمان، ويتجلبب بجلباب الخير، فيظهر ذلك على أخلاقه وعلى عمله وعلى أفعاله.
فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مع ما عُرِفَ عنه من الأمور قبل الإسلام حتى قال بعض الصحابة - وهو عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ -رضي الله عنه- يوماً، لزوجته وكانت قالت لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَ عُمَرَ آنِفًا وَرِقَّتَهُ وَحُزْنَهُ عَلَيْنَا. قَالَ: أَطَمِعْتِ فِي إسْلَامِهِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا يُسْلِمُ الَّذِي رَأَيْتِ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ، قال ذلك: يَأْسًا مِنْهُ، لِمَا كَانَ يَرَى مِنْ غِلْظَتِهِ وَقَسْوَتِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ. (١).
(١) حسن، رواه ابن إسحاق في السيرة (٢٢٢) -ومن طريقه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (٣٧١)، والطبراني في المعجم الكبير للطبراني (٢٥/ ٢٩) رقم (٤٧) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٧٨٣٢)، والحاكم (٦٨٩٥) -. من حديث أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ أَبِي حَثْمَةَ -رضي الله عنها- وانظر صحيح السيرة للألباني (١٨٩)