يا لفظة النّعى بموت الخليل ... يا وقفة التّوديع بين الحمول
يا شربة اليارج يا أجرة ال ... منزل يا وجه العذول الثفيل
يا طلعة النّعش ويا منزلا ... أقفر من بعد الأنيس الحلول
يا نهضة المحبوب عن غضبة ... يا نعمة قد آذنت بالرّحيل
يا كتابا جاء من مخلف ... للوعد مملوءا بعذر طويل
يا بكرة الثّكلى إلى حفرة ... مستودع فيها عزيز الثكول
يا وثبة الحافظ مستعجلا ... بصرفه القينات عند الأصيل
ويا طبيبا قد أتى باكرا ... على أخى سقم بماء البقول
يا شوكة في قدم رخصة ... ليس إلى إخراجها من سبيل
يا عشرة المجذوم في رحله ... ويا صعود السّعر عند المعيل
يا ردّة الحاجب عن قسوة ... ونكسة من بعد برء العليل
وجحظة هذا هو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك، وقال أبو الحسن على بن محمد بن مقلة الوزير: سألت جحظة من لقّبه بهذا اللقب؟ فقال: ابن المعتز، لقينى يوما، فقال لى: ما حيوان إن نكّسوه أتانا آلة للمراكب البحرية، فقلت: علق، إذا نكّس صار قلعا، قال: أحسنت يا جحظة؛ فلزمنى هذا اللقب، وكان ناتئ العينين جدّا، قبيح الوجه، ولذلك قال ابن الرومى:
نبئت جحظة يستعير جحوظه ... من فيل شطرنج ومن سرطان
يا رحمتى لمنادميه تحمّلوا ... ألم العيون للذّة الآذان
وكان طيّب الغناء، ممتدّ النفس، حسن المسموع؛ إلا أنه كان ثقيل اليد فى الضرب؛ وكان حلو النادرة، كثير الحكاية، صالح الشّعر؛ ولا تزال تندرله الأبيات الجيدة، وهو القائل:
جانبت أطيب لذّتى وشرابى ... وهجرت بعدك عامدا أصحابى