يقرب من هذا. وقال بعض العلماء المتقدمين: من قال في أول الليل وأول النهار، عقدت زبان العقرب ولسان الحية ويد السارق، بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله أمن من الحية والعقرب والسارق.
وروى مالك والجماعة، إلا البخاري، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة؟ فقال «١» صلى الله عليه وسلم: «أما إنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك إن شاء الله تعالى» . وفي كامل ابن عدي، في ترجمة وهب بن راشد الرقي، أن الرجل المذكور بلال. وفي رواية «٢» للترمذي: «من قال حين يمسي، ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره حمة تلك الليلة» . قال سهيل: فكان أهلنا يقولونها كل ليلة، فلدغت جارية منهم فلم تجد لها وجعا. وقال: هذا حديث حسن.
كلمات الله القرآن. ومعنى تمامها أن لا يدخلها نقص ولا عيب، كما يدخل كلام الناس.
وقيل: هي النافعات الكافيات عن كل ما يتعوذ به. قال البيهقي: وإنما سماها تامة لأنه لا يجوز أن يكون في كلامه تعالى نقص أو عيب كما يكون في كلام الآدميين. قال: وبلغني عن الإمام أحمد بن حنبل أنه كان يستدل بذلك على أن القرآن غير مخلوق، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الهامة.
وذكر أبو عمر بن عبد البر في التمهيد، عن سعيد بن المسيب قال: بلغني أن من قال حين يمسي سلام على نوح في العالمين، لم تلدغه عقرب. وقال عمرو بن دينار: إن مما أخذ على العقرب، أن لا تضر أحدا قال في ليل أو نهار: سلام على نوح في العالمين.
وفي التمهيد، لابن عبد البر في ترجمة يحيى بن سعيد الأنصاري، في بلاغاته في الثاني عشر، قال ابن وهب وأخبرني ابن سمعان قال: سمعت رجالا من أهل العلم يقولون: إذا لدغ الإنسان، فنهشته حية أو لدغته عقرب، فليقرأ الملدوغ هذه الآية «٣» : نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
وقال الشيخ أبو القاسم القشيري، في تفسيره في بعض التفاسير: إن الحية والعقرب، أتتا نوحا عليه الصلاة والسلام، فقالتا: احملنا، فقال نوح: لا أحملكما فإنكما سبب للبلاء والضرر، فقالتا: احملنا ونحن نعاهدك ونضمن لك أن لا نضر أحدا ذكرك، فعاهدهما وحملهما. فمن قرأ ممن كان يخاف مضرتهما حين يمسي وحين يصبح: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ، إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
«٤» ما ضرتاه.
ثم روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن نوحا عليه الصلاة والسلام اتخذ السفينة في سنتين. وكان طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسين ذراعا، وسمكها ثلاثين ذراعا، وكانت من خشب الساج، وجعل لها ثلاثة بطون: في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام، وفي البطن